مقالات وبحوث
التعليم والشبكات الاجتماعية: تيليجرام في التعليم
“تليجرام” هو تطبيق تواصل في الأساس، لكنه سعى جاهداً لتقصير المسافة بين فئة “الشبكات الاجتماعية” و “تطبيقات المراسلة”، وخاصة منذ أن قدم لنا خاصية القنوات “Channels”، تلك الأداة التي نقلته من مجرد تطبيق تميز في مجال التشفير والتواصل الآمن، إلى منصة للنشر وبناء الجمهور.اليوم وعبر الأسطر التالية، واستكمالاً لسلسلة (التعليم والشبكات الاجتماعية)، سنحاول تسليط الضوء على تطبيق …
“تليجرام” هو تطبيق تواصل في الأساس، لكنه سعى جاهداً لتقصير المسافة بين فئة “الشبكات الاجتماعية” و “تطبيقات المراسلة”، وخاصة منذ أن قدم لنا خاصية القنوات “Channels”، تلك الأداة التي نقلته من مجرد تطبيق تميز في مجال التشفير والتواصل الآمن، إلى منصة للنشر وبناء الجمهور.
اليوم وعبر الأسطر التالية، واستكمالاً لسلسلة (التعليم والشبكات الاجتماعية)، سنحاول تسليط الضوء على تطبيق “تيليجرام” أو “تيليقرام” وما يقدمه من خصائص ومميزات يمكن الاستفادة منها في مجال النشر، ليس أيُ نشر، وإنما نشر المحتوى التعليمي، وأهم الخصائص التي يقدمها ويمكن الاستفادة منها في مجال التعليم.
قنوات التليجرام والإشعارات
إحدا الميزات المهمة والمحورية التي تميز بها “تيليجرام” عبر خاصية القنوات “Channels” ، هي فتح الباب والمجال لعدد لا محدود من المشتركين، يمكن للقناة الواحدة أن تحتوي على آلاف أو ملايين المشتركين، وقد كنا في السابق، في بداية انطلاقة هذه الخاصية، نشكك في هذه النقطة، لأن التطبيق مجاني ولا يوجد في إعلانات تغطي نفقات التشغيل والاستضافة، لكن أثبتت الأيام أن هذه الميزة فعلية.
عندما تستعرض قائمة أكبر قنوات التليجرام المدرجة في موقع “tsear.ch” ستجد قنوات وصلت لملايين المشتركين ولازالت تعمل دون مشاكل (أو كما يبدو)، ولو تفحصت أكثر ستجد أن معظم تلك القنوات الكبيرة هي قنوات إيرانية، وهذا قد يدل -على الهامش- على أن التطبيق له شعبية واسعة لدى الشعب الإيراني.
الميزة الأهم ليست في إمكانية جمع عدد كبير من المشتركين (بناء جمهور مهتم) لكنها في الإمكانية القوية لوصول المنشورات، فنحن نعلم أن عداد المشتركين لم يعد بتلك الأهمية الكبيرة، وخاصة بعد أن أحكمت الخوارزميات السيطرة داخل الشبكات الاجتماعية (اليوتيوب على سبيل المثال)، أما في تيليجرام فلا يوجد خورازميات تتحكم في وصول المحتوى إليك.
عند الاشتراك في أي قناة جديدة، هذا يعني وصول إشعارات إليك كلما تم نشر محتوىً جديد فيها، مع إمكانية إيقاف الاشعارات لأي قناة (إسكات القناة)، وهذا يعني الكثير، وخاصة للقنوات التعليمية، فالمحتوى التعليمي في الغالب يشكو من عدم الوصول للجمهور، يشكو من ظلم خوارزميات الفرز في الشبكات الاجتماعية، أما هنا، فلا يوجد خوارزميات، بل يوجد إشعارات تساهم في جلب عدد أكبر من القراء المهتمين كلما تم نشر محتوىً جديد.
محتوىً متعدد الأشكال
ما يميز خاصية القنوات (والمجموعات أيضاً)، أنها تدعم صنوف وأشكال المحتوى الرقمي، ففي الفترة التي لم نكن قادرين فيها على إرسال ملف نصي “PDF” عبر واتساب، كان الباب مفتوح على مصراعية لإرسال ونشر أي نوع من المحتوى عبر قنوات التليجرام، والمحتوى التعليمي -كما نعلم- يمكن أن تتعدد أشكاله، بل يفضل أن يتنوع ولا يقتصر على شكل واحد.
أشكال المحتوى الرقمي المعروفة هي: نصي – صوتي – مرئي (فيديو) – مرئي (صور)، هذه هي الأصناف الرئيسية، وتطبيق تيليجرام يدعمها جميعاً، حيث يمكن نشر المحتوى بأي شكل من تلك الأشكال داخل التطبيق، وهنا يجب أن نتوقف قليلاً عند نوع محدد من المحتوى؛ إنه المحتوى الصوتي.
قد يكون المحتوى الصوتي من أقل الأنواع حظاً في العالم الرقمي اليوم، فالقليل من المنصات والشبكات التي تدعمه، في حين أنه من الوسائل الفعالة لإيصال المعلومة والمعرفة ونقلها بأقل التكاليف، فالفيديو يتطلب جهد كبير في إنتاجه، وكذلك جهد (إلكتروني) في استضافته وإيصاله، في حين أن المحتوى النصي يفتقر للروح والحيوية إن صح التعبير، وأوسط الحلول هو (المحتوى الصوتي).
شبكة الفيسبوك -على سبيل المثال- بقوة وصلابة بنيتها، لا تزال تفتقر لدعم المحتوى الصوتي، فأنت غير قادر على إرسال مقطع صوتي في صفحتك الشخصية أو غير الشخصية أو مجموعتك التعليمية. يجب عليك أن تحول ذلك المقطع إلى فيديو كي تتمكن من نشره.
تطبيق تيليجرام يدعم إرسال المحتوى الصوتي بطريقتين، الأولى هي عبر التسجيل المباشر من داخل التطبيق، (أنقر وتحدث ثم أرسل) والطريقة الثانية هي عبر إرسال الملفات الصوتية الجاهزة، سواءً تلك المخزنة في الهاتف أو الموجودة في جهاز الحاسب الآلي، وهذا يقودنا لميزة أخرى (استخدام التطبيق عبر الحاسوب).
يوفر تطبيق تيليجرام برنامجاً حاسوبياً، ليس فقط لأنظمة الوندوز، بل للماك واللينوكس كذلك، وهنالك أيضاً واجهة استخدام عبر الويب مباشرة، كل هذا يفيد في مجال إدار القنوات وصناعة المحتوى، فالهاتف الذكي مناسب للتواصل السريع، أما صناعة المحتوى التعليمي الدسم، فيتطلب أجهزة حواسيب ولوحات مفاتيح كاملة لتسهيل عملية إعداد وترتيب المحتوى على أكمل وجه.
مجموعات تيليجرام في التعليم
نأتي الآن إلى خاصية “المجموعات” تلك الأداة القوية التي تفوقت على مجموعات “واتساب” بمراحل، ورغم أن هنالك جهود حثيثة تقوم بها واتساب في سبيل اللحاق بما وصل إليه “تيليجرام”، إلا أن الفرق لا يزال شاسعاً، وهنا سأنوه على ثلاثة ميزات مهمة تساهم في جعل التطبيق هو الأنسب لإنشاء المجموعات التعليمية.
(1) خصوصية المشتركين: تعتبر ميزة محورية في نظري، فالفرق بين مجموعات واتساب وتيليجرام، أنه في واتساب أي شخص داخل المجموعة هو قادر على رؤية أرقام هواتف الأعضاء الآخرين، بينما في مجموعات تيليجرام هذا الأمر غير متاح، وهذا الفرق يفصل بين التطبيقين في التصنيف، فالواتساب هو تطبيق مناسب للتواصل الشخصي، وتليجرام مناسب لبناء الجمهور والتواصل العام، لذلك هو أنسب للاستخدام في المجال التعليمي، حيث ليس شرطاً أن تضم المجموعة أشخاص يعرفون بعضهم، قد تكون مجموعة تعليمية عامة يشترك فيه من في المشرق مع من في المغرب.
(2) استيعاب المجموعات: هنالك نوعين من المجموعات في تيليجرام، الأولى هي المجموعة العادية (Basic groups) والتي تستوعب حتى 200 عضو، أما النوع الثاني فهي المجموعات العملاقة (supergroup) والتي يمكن لها أن تستوعب حتى 100 ألف عضو، والتي -كذلك- توفر أدوات إدارية أكثر، وعبر تلك المجموعات يمكن إنشاء مجتمعات عملاقة للتعلم والاستفادة من خبرات الآخرين، لكن بالتأكيد ستظهر مشاكل عديدة مع هذا العدد الكبير من الأعضاء، لذلك فهنالك ميزة ثالثة، هي كالتالي:
(3) البوتات الآلية: سمحت خاصية البوت “bots” أن يتم تفويض بعض الأعمال للذكاء الاصطناعي، وبالتالي يمكن أن توكل بعض الأمور الإدارية لـ”بوت” متخصص، يراقب الاستخدام الغير طبيعي ويضبط الـ “سبامرز” والمخربين المندسين بين الأعضاء، كما يمكن للبوت أن يفتح باب المشاركة ويغلقه في أوقات محددة، وأيضاً يحذف الرسائل السابقة أو يسكت أي عضو ويمنعه من المشاركة، ويقدم الإحصائيات وغيرها الكثير من الميزات.
يمكن إنشاء البوت الخاص بك لإدارة المجموعة، أو استخدام بوت جاهز سواء مجاني أو مدفوع (مثل بوت teleme)، وتلك البرمجيات الصغيرة توفر الكثير من الجهد والوقت وخاصة عند التعامل مع مجموعات كبيرة تحتوي على آلاف الأعضاء.
وبهذا نكون قد غطينا النقاط الرئيسية لهذا الموضوع، ويجدر بي هنا أن أشير إلى دليل يضم بعض القنوات التعليمية المتعلقة باللغة الإنجليزية، كنت قد نشرته قبل سنوات، يمكن الاستفادة منه للتعرف على بعض النماذج لما يمكن أن تكون عليه القنوات التعليمية، وكيف يمكن لتلك القنوات أن تكون منصة مجانية وفعالة لنشر محتوى تعليمي متخصص يفتح ذراعيه لكل مهتم ومريد.