مفاهيم

مفاهيم القياس والتقييم والتقويم، والعلاقة بينها

أخي المعلم القدير والمربي الفاضل، تسعى وزارات التربية والتعليم في الدول والأمصار إلى تحسين وتطوير أدوات القياس  والتقييم والتقويم في الميدان  التعليمي والتربوي من خلال مشروع مهارات تقويم الاختبارات التحصيلية للطلاب، لأن القياس الصحيح لمدخلات التعليم يبنى عليه  تقييم وتقويم علمي لمخرجاته وبالتالي وضع الخطط لتطوير منظومة التعليم التي تحقق أهداف سياسة التعليم  بتلك الدول، ولا شك أخي المعلم أن لك دوراً مهماً بل مفصلياً في تحقيق تلك الأهداف من خلال وعيك وفهمك للبيئة التعليمية المحيطة بك  وكيفية الاستثمار الأمثل لمهارات وقدرات أبناءك الطلاب  والوصول بهم  إلى بر الأمان  من خلال رؤية ورسالة وأهداف واضحة مبنية على تخطيط جيد واستراتيجية عمل ناصعة تنتهي بتطبيق أدوات قياس وتقويم علمية يبنى على نتائجها مستقبل الأمة.  وإليك عزيزي المربي نبذة عن هذا الموضوع:

أولاً: مفهوم القياس                                          

القياس عملية منظمة يتم بها تحديد مقدار ما في الشيء من الخاصية التي نقيسها بدلالة وحدة قياس مناسبة. مثل:

أ/ الميزان  ــــــــــــــ    لقياس الوزن   ــــــــــــــ    بالجرام

ب/ المتر   ــــــــــــــ    لقياس الطول  ــــــــــــــ   بالسنتمتر

ج/ الاستبيانات البيانية   ــــــــــــــ  لقياس ميول واتجاهات الأشخاص . . . الخ

د / الاختبارات المعيارية  ــــــــــــــ  لقياس مستوى الطلاب  ــــــــــــــ  الدرجات التي حصلوا عليها.

  • القياس في العملية التعليمية

هو قياس تحصيل الطلاب للأهداف المخطط لها عن طريق الاختبار التحصيلي واجتياز مهارات التقويم المستمر، والتي يتحقق فيها التحصيل المعرفي، والمهارات المكتسبة لدى الطلاب.

ملحوظة: هناك ما يسمى بـ (التقدير، والتوقع) وهي مرادفات لكلمة قياس وهما أقدم من القياس وقد يتم التقييم بدون عمليات قياس عن طريق التخمين أو الظن أو الحدس.

مثال: تقدير وزن الأشياء بحملها بين أيدينا أو تحسس درجة حرارة المريض وهو ما يسمَّى بالتشخيص التقديري.

ثانياً : مفهوم التقييم

هو عملية منظمة مبنية على القياس يتم بواسطتها إصدار الحكم (التقييم) على الشيء المراد تقويمه في ضوء ما يحتويه من الخاصية الخاضعة للقياس ونسبتها إلى قيمة متفق عليها أو معيار معين. مثل: المريض الذي درجة حرارته 39م يحكم عليه أنه مريض (تقييم) يوصف له العلاج ويتناوله (تقويم) وإذا أصبحت درجة حرارته 37.1م فهو تماثل للشفاء بإذن الله والطالب الذي حصل على معدل 90% يستحق تقدير ممتاز ويرفع للصف الأعلى، والمعلم الذي حصل على معدل أعلى من 95% في الأداء الوظيفي فهو معلم متميز يجب تكريمه. . الخ.

ثالثا: التقويم التربوي

نعني به التعرف على مدى ما تحقق لدى الطلاب من أهداف واتخاذ القرارات والتوصيات المناسبة بحقهم من خلال تشخيص مواطن القوة والقصور في أي عنصر من عناصر المنظومة التعليمية. وتقديم البرامج العلاجية والإثرائية لهم. ويقصد به أيضاً قياس المستوي الطلابي بين نقطة بداية ونقطة نهاية وما طرأ عليها من تغيرات سلبية أو إيجابية بينهما مثل الاختبارات (التقويمات) القبلية والتكوينية والنهائية.

رابعاً: العلاقة بين مفاهيم القياس والتقييم والتقويم

إن حصول طالب على درجة 25 في مادة العلوم مثلاً لا تعني شيئاً لوحدها فهل هي متوسطة أو منخفضة؟، وما هي الدرجة الكاملة للمادة؟

هذه الدرجة الخام لا معنى لها بدون مقارنتها بمعيار أو اختبار والذي نعني به هنا أن معلم العلوم مثلا كان قد حدد 30 هدفاً تعليمياً لاختباره وحدد الأداء المقبول لديه بـ 25 هدفاً.

هنا يأتي التقييم الذي يبين أن أداء الطالب مقبولٌ؛ لأنه وصل إلى مستوى الإتقان الذي حدده المعلم.

هذا النوع من الاختبارات – اختبارات المحك – يصلح لتحديد مستوى الكفاية أو الإتقان للنواتج التعليمية.

بينما الاختبارات المعيارية ” التحصيلية ” والتي نعني بها المقارنة بين أداء أفراد المجموعة فالطالب الذي حصل على 25 درجة في العلوم قد تكون درجته من أعلى الدرجات بالنسبة لصفه وقد تكون متوسطة أو متدنية وقد تكون فوق المتوسط الحسابي لدرجات المادة أو أدنى من المتوسط الحسابي.  والتي نسميها (الفروق الفردية) بمفهومها العلمي وهي الخروج عن متوسط الجماعة صعودا أو هبوطا في أي صفة من الصفات.

الخلاصة أن العلامة أو الدرجة 25 للطالب تمثل عملية قياس وأن تفسير هذه الدرجة وإصدار الحكم عليها بناءً على معيار أو محك هي عملية تقييم وتقديم البرامج العلاجية أو الإثرائية لهذا الطالب وغيره تسمى عملية تقويم.

خامسا: أهمية القياس والتقييم والتقويم في العملية التعليمية

إن نجاح أي نظام تعليمي مرهون بقوة ودقة عملية القياس والتقييم والتقويم لهذا النظام، كما أن القياس والتقييم والتقويم جزءٌ لا يتجزأ من عملية التدريس التي تحقق أهداف النظام التعليمي.

وهنا نطرح الأسئلة الآتية:

أ- إلى أي مدى يمتلك الطلبة المفاهيم والمعلومات والمهارات التي يحتاجونها؟

ب- هل أساليب التدريس مناسبة لمستويات الطلاب وتحقق التقدم نحو الأهداف المنشودة؟

ج- إلى أي مدى تحققت الأهداف التعليمية؟

مما لا شك فيه أنَّ التقويم التربوي (قياس المستوى) يجيب على هذه التساؤلات من خلال التقويم القبلي للطالب والتقويم التكويني “المستمر” أثناء عملية التدريس وكذلك التقويم البعدي وتسمى بالاختبارات التراكمية أو الجمعية.

كما أن وسائل القياس التي يستخدمها المعلم كالاختبارات على اختلاف أنواعها تساعدُه في اتخاذ قرارات أفضل من خلال خطوات القياس الأساسية:

أ- تحديد الصفة المراد قياسها وتعريفها مثل: الطول – الوزن – الذكاء.

ب- تحديد وإظهار الصفة للعيان والمشاهدة.

ج- التحديد الكمي للصفة بوحدات أو درجات أو مقادير.

وإليك أخي المعلم بعض العلاقات التي تربط التقويم (قياس المستوى) بالمفهوم المتعارف عليه بين التربويين في مجال التعليم ومنظومة التعليم بأي مجتمع تعليمي:

  • علاقة التقويم بالنظام التعليمي

  • علاقة التقويم بعناصر نظام التدريس

  • علاقة التقويم بمنظومة المنهج

سادسا: أهداف التقويم التربوي

للتقويم أهداف كثيرة نذكر من بينها:

  • تحديد المستوى والقبول سواء في القبول بالمدارس أو الجامعات وتحديد المسار المناسب للطالب.
  • تحديد الاستعداد والمتطلبات السابقة من خلال تحديد استعداد الطالب لتقبل المعلومات والمهارات الجديدة و تحديد رصيد الطالب من المهارات السابقة (النظرية البنائية).
  • تشخيص صعوبات التعلم لدى الطلاب ووضع البرامج العلاجية المناسبة لها.
  • التقويم التشكيلي أو التكويني من خلال التقويم المتواصل والملازم لعملية التعلم من خلال الأسئلة الصفية والملاحظة المستمرة من قبل المعلم لطلابه.
  • تحديد نواتج التعلم من خلال نتائج الاختبارات التحصيلية وإجراء عملية التشخيص والحكم عليها.
  • التقويم لأغراض الإرشاد والتوجيه فمتى كان التشخيص واقعياً وأقرب للصواب كانت الطرق العلاجية متوافقة في تحسين مخرجات التعليم ونجاح الجانب الإرشادي.
  • تقييم المناهج وتطويرها.
  • التقويم والتقييم الذاتي للمعلمين ومدى رضاهم عن أنفسهم.

سابعا: العلاقة بين المقاييس والاختبارات

إن الخصائص والصفات التي نخضعها للقياس تتغير وتختلف من فرد لآخر ومن عنصر لآخر. وتسمى هذه الخصائص بالمتغيرات ومن أمثلتها الطول، لون الشعر، التحصيل الدراسي، نسبة الذكاء، القدرة العددية، الطلاقة اللفظية . . . الخ.

والمتغيرات قسمان هما:

أمتغيرات نوعية ” تصنيفية “: وهي التي تأخذ أوصافاً أو أسماءً عند تحديدها من الأشياء أو الأشخاص. مثل تحديد الجنس، الجنسية، الحالة الاجتماعية، الحالة التعليمية . . . الخ.

بمتغيرات كمية: وهي التي تقاس بالكم والعدد مثل العمر. درجة الحرارة. نسبة الذكاء. التحصيل الدراسي . . . الخ.

وللحصول على أدوات قياس مناسبة للخصائص والصفات التربوية أو النفسية علينا استخدام المقياس المناسب من خلال معرفة مستويات المقاييس وهي:

  • المقياس الاسمي

يختص هذا المقياس بالمتغيرات والصفات النوعية للأشياء والأشخاص وتصنف فيها المتغيرات إلى فئات ولا تعطي قيمة عددية أو رقمية.

مثل تصنيف الطلاب بناءً على خاصية النجاح أو الرسوب إلى ناجح وراسب أو توزيعهم حسب التخصصات علمي وأدبي، أكاديمي ومهني، ويرتبط هذا المقياس بمقياس كمي آخر عند الاعتماد عليه.

  • مقياس الرُتب

وفيه ترتب الأفراد أو الأشياء تصاعدياً أو تنازلياً وفق امتلاكهم للصفة مثل خالد الأول في صفه وأحمد الثاني أو فصل 1/ث/أ طلابه من فئة التحصيل العالي بينما فصل 1/ث/ب من فئة التحصيل المتوسط. وكذلك تقديرات الطلبة ممتاز، جيد جدا، جيد، متوسط، ضعيف، وهكذا وهذا المقياس يعطي الكم أو المقدار العددي للترتيب من الخاصية التي نقيسها.

  • المقياس الفئوي

مثل توزيع علامات الطلبة في اختبار معين ووضعها في فئات متساوية مثل طلاب فئة 10درجات أو خمس درجات فمثلاً معلم الرياضيات يوزع علامات درجات طلاب صَفة في اختبار الفصل الدراسي الأول إلى الفئات التالية:

1–5، 6–10، 11–15، 16–20، 21–25، 26–30

إذاً اختبارات التحصيل التي نعدها هي مقاييس فئوية وهنا نطرح سؤال للتفكير:

لو حصل أحمد على 90 درجة في الرياضيات وحصل ماجد على 45 درجة في نفس الاختبار فهل نستطيع القول أن تحصيل أحمد ضعف تحصيل ماجد؟

  • مقياس النسبة

وهو المقياس الذي يعطي درجة صفر عندما ينعدم وجود الخاصية في الشيء الذي يخضع للقياس وهذا القياس يعطينا دلالات القياس بالنسبة للوحدات المتعارف عليها.

وإذا كان القياس مرتبطا بخصائص مادية مثل (الوزن – الطول – الدرجة) فإن وجود الصفر ممكناً ولكن القياس النسبي مرتبط بالخصائص التربوية لذلك فإن وجود الصفر غير ممكن، فلا يمكن أن تتدنى درجة الذكاء عند الطالب إلى الصفر.

إن المقاييس التربوية والنفسية تستخدم لقياس الخصائص بصورة غير مباشرة ويستدل على هذه الخصائص من أداء الأفراد على الاختبارات التحصيلية.

ثامنا: خصائص عملية التقويم (قياس المستوى)

أ/ التقويم عملية مستمرة.

ب/ التقويم عملية تعاونية بين طالب ومعلم ومنهج ونظام تعليمي والمجتمع المحلي والأسرة. الخ..

ج/ التقويم علمية شاملة للجوانب المعرفية والجسمية والاجتماعية . . . الخ.

د/ التقويم ليس هدفاً في حد ذاته وإنما وسيلة لتحسين المنهج.

أخي المعلم: بعد الاطلاع على هذا المختصر عن القياس والتقييم والتقويم..، يعوَّل عليك الكثير في هذا المضمار التنافسي الشريف، فالاختبارات العشوائية والارتجالية والتي لا تبنى على أسس علمية صحيحة يهتز فيها المؤشر القياسي سلباً أو إيجاباً والنتيجة قياس خاطئ وبالتالي تقييم غير صحيح والمحصلة تخبط في وضع الخطط سواء للعلاج أو التطوير.

من هذا المنطلق إليك بعض النماذج المرفقة والتي تعينك بحول الله على إعداد اختبارات تحصيلية أقرب إلى الصواب إذا بدأت في الإعداد لها مع بداية كل فصل دراسي والتي تنتهي بك إلى بناء اختبارات مقننة حسب جدول المواصفات والذي يبنى على عدة معادلات كما يلي:

من هذه المعادلات وقبل قيامك بتحليل المحتوى وتحديد الأهداف التي تم تحقيقها يمكنك بناء اختبار تحصيلي ” مقالي أو موضوعي ” يقيس أهدافا سلوكية إجرائية أو بنائية صحيحة يسعى المعلم وطلابه إلى تحقيقها.

يقول الله تعالى: ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً )

وفي الحديث القدسي: ( يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) .

والله نسأل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

إغلاق