إرشادات

التنمية التكنولوجية للمعلمين بين الاستدامة والمهنية

نجد في كل عصر من العصور حقيقة ثابتة منذ نشأة البشرية وهي أن المعلم هو حجر الأساس لبناء أي أمة وليس لبناء النظام التعليمي فقط، و هي حقيقة تجعلنا دائماً في حالة استنفار للجهود والطاقات والأموال لأجل تنمية المعلمين مهنياً واجتماعياً ونفسياً وفي كافة الجوانب؛ لتأهيلهم لأداء دورهم بشكل متزن، ودون أي ضغوط.
سابقا، كانت تتم عملية تنمية المعلم بشكل تقليدي ما بين ورش عمل ودورات تدريبية تعتمد في محتواها غالباً على مضمون نظري. ويخلو كثيرها من الجانب التطبيقي الذي يضمن وصول المهارة والخبرة للمعلم، لذا ومع تقدم التكنولوجيا ظهرت العديد من التحديات أمام المؤسسات المعنية بتأهيل المعلم في البلاد العربية، والتي من أهمها توظيف التقنيات والمستحدثات التكنولوجية المختلفة في تنمية المعلم مهنياً وإلكترونياً، وتأهيله بالقدر الذي يؤهله لاستخدام الوسائل التكنولوجية المختلفة في العملية التعليمية.
لذا في هذا المقال سوف نضع أيدينا على هذا التحدي الهام في عملية تأهيل المعلمين تكنولوجياً، وكيفية استخدام التكنولوجيا في تنمية مهارات المعلم المهنية والأكاديمية مما يجعله يواكب الحياة التي نشأ بها طلابه وتلاميذه، حتى نستطيع التغلب على الفجوة الرقمية الكبيرة بين المعلم والمتعلم في الوقت الراهن.

1- مفهوم التنمية التكنولوجية للمعلمين

تعرف التنمية التكنولوجية للمعلمين بأنها: البرامج والعمليات والدورات والورش الفردية والمؤسسية التي تهدف إلى تأهيل المعلم مهنياً وأكاديمياً باستخدام الوسائل التكنولوجية المختلفة، بما يدعم فكرة التعلم المستمر مدى الحياة، وتعمل على إضافة معرفة مهنية تكنولوجية جديدة، وتُنمي المهارات المتعلقة بالمستحدثات التكنولوجية والتي يمكن استخدامها في المجال التعليمي بهدف تيسير المعلومات على الطلاب وتبسيطها لاكتسابها بسلاسة ويسر.

2- مميزات التنمية التكنولوجية للمعلمين

تتميز برامج التنمية التكنولوجية للمعلمين في العصر الحالي بالعديد من الفوائد والمميزات ومنها:
– تدعيم فكرة التعلم المستمر والتعلم مدى الحياة.
– تنمية مهارات المعلم التكنولوجية للتعامل مع الوسائل التكنولوجية المستخدمة في العملية التعليمية بسهولة ويسر.
– مواكبة المعلم للتغيرات والتطورات الحادثة في العصر الحالي.
– مواكبة المعلم لفكر وحياة طلابه التي لا تخلو من استخدام الأجهزة التكنولوجية بشكل يومي.
– استخدام الوسائل التكنولوجية في العملية التعليمية بهدف تيسير وتبسيط المعلومات للطلاب.
– تنمية اتجاهات المعلم نحو مهنته بمنظور تكنولوجي يتواكب مع العصر الحالي.
– تقديم العون للمعلم، مما ينمي ثقته في نفسه ويعزز دوره القيادي له ويهيئه للارتقاء في السلم الوظيفي.
– العمل على تجديد معلومات المعلمين باستمرار بما يواكب كل جديد، كلٌ في مجال تخصصه، حتى يظل المعلم دائماً في حالة تطور.
– محو الأمية التكنولوجية لدى المعلمين، وتنمية مهاراتهم وإزالة الخوف والرهبة لديهم تجاه التكنولوجيا وأدواتها.
– تنمية المعلم تكنولوجياً تساعد على تطوير المناهج الدراسية وطرق التدريس التقليدية في ضوء الممارسات الجديدة في عالم التكنولوجيا المتطورة.
– مساعدة المعلم على تنويع الأنشطة والتدريبات لطلابه، مما يجعل جو العملية التعليمية مثيرا وشيقا ومحفزا للمنافسة الشريفة بين الطلاب.
– دفع المعلم إلى أن يضع في اعتباره الفروق الفردية بين طلابه في الذكاء واكتساب المعلومات، مما يضع على عاتقة استخدام وسائل تكنولوجية تبسط المعلومات بشكل أكثر سهولة.

3- تحديات التنمية المهنية للمعلمين

نجد أن التنمية المهنية الحالية وبصورتها التقليدية تواجه العديد من التحديات التي أرغمها عليها التطور الحادث في العصر الراهن ومنها:
– التطور التكنولوجي السريع، الذي يجعل مواكبته أمرا في غاية الصعوبة.
– تقليدية محتوى الدورات التدريبية في الوقت الراهن تحدي يجب التغلب عليه بالاعتماد على الوسائل التكنولوجية أكثر.
– رهبة بعض المعلمين من استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية واتجاههم السلبي نحو استخدامها.
– عدم التزام بعض المعلمين بالدورات التدريبية المقدمة من طرف المؤسسات المعنية بتأهيلهم وتنمية مهاراتهم، وكذا عدم الالتزام بمواعيدها.
– المناهج الدراسية التقليدية التي تحتم علينا تغييرها وتطويرها لتواكب عملية توظيف التكنولوجيا في تعلمها من قبل الطلاب، وتخاطب تفتح أفكارهم في العصر الحالي.
– لابد من وضع خطط تنموية للمعلمين قائمة على التكنولوجيا على مستوى الدولة والالتزام بها وربطها بالارتقاء في السلم الوظيفي للمعلم، واعتماد هذه الخطط على التنمية المهنية التكنولوجية، والوسائل والأدوات الرقمية.
– فتح المجال لعمليات التدريب الإلكتروني للمعلمين من خلال الوسائل التكنولوجية.

4- الاستدامة والمهنية في تنمية المعلمين

تعد تنمية المعلمين مهنياً أمراً في غاية الأهمية، لأجل إعداد معلم رقمي يواكب التقدم التكنولوجي والانفجار المعرفي في كافة التخصصات والعلوم والمعارف، مما يجعل عملية التنمية المهنية للمعلمين تحديا كبيرا، يجب ألاّ تتوقف عند حد معين، فلابد أن تتصف بالاستمرارية، فالاستدامة في تنمية المعلمين تيسر عملية مواكبة كل جديد وتقلل الرهبة في مواجهة الوسائل التكنولوجية، وتجعل المعلمين يجربون ويوظفون بكل حرية وابداع.
لذا أطلق عليها العديد من المهتمين بمجال التربية والتعليم وتنمية المعلمين التنمية المهنية المستدامةفي إشارة لوصفها بالاستمرارية والدورية، نتيجة الكم الهائل من المعارف والمهارات التي اتيحت في العصر الحالي والتي يجب تعلمها واكتسابها والتعامل معها سواء من قبل المعلمين أو المتعلمين.

فالتنمية المهنية المستدامة أو ما أُطلق عليه اسم “التعلم الأخضر” تعمل على المداومة في تطوير المعلمين مهنياً وأكاديمياً لمواجهة أي تحديات يفرضها العصر الحالي في مجال تطوير المعلمين، وذلك بعد سعي العديد من الدول العربية إلى تطوير أنظمتها التعليمية، والتي يعد المعلم حجر الأساس فيها، ومنها: التجربة المصرية الحالية والتي قدمت أحد أهم البرامج التنموية للمعلمين “المعلمون أولاً“، لذلك يجب علينا قبل أن نطور نظاماً تعليمياً لابد أن نطور معلماً رقمياً مؤهلاً لتطبيق النظام التعليمي الجديد، وإلا ستفشل التجربة بأكملها.

قبل أن تفكر في تطوير التعليم كنظام، لنفكر في تنمية المعلم كعمود فقري لهذا النظام، وتطويره وتنمية مهاراته بما يواكب الفكر التطويري الذي تسعى الدولة لتطبيقه.

إغلاق