اخبار التعليم
الإشراف التربوي اتجاهات عصرية وتحديات تربوية
تشكل البدايات انطلاقات حقيقية نحو العطاء والإبداع في كافة المجالات كالإشراف التربوي الذي ظهر متأثراً بالعديد من التغيرات السياسية ِوالاجتماعيةٍ التي شهدها العالم. فالمتمعن في تاريخ تطور الإشراف التربويّ يرى أن أصول انطلاقه أمريكية حيث وضع في الأساس من أجل تنظيم متابعة أمور المعلمين بتطوع فردي لأحد المعلمين؛ من خلال القيام جزئياً بمهام الإشراف على المعلمين مولدة بذلك قناعة ذاتية بأهمية العملية الإشرافية؛ ليشهد الإشرافُ التربويّ تبلوراً تعليمياً حديثاً في عالم التعليم.
وتتركز التوجهات التربوية الحديثة على الإشراف التربوي ومداخله كأحد المداخل التربوية الحديثة في عالم التربية والإشراف معاً؛ داعية من خلاله إلى ربط العملية التربوية والإشرافية ورفع كفاءتها وتحسين أدائها وخاصة في ظل ما يشهده العالم التربوي من تطور كبير من حيث نظرياته واستراتيجياته وتقنياته؛ ليشهد بذلك تحدياً نوعياً كبيراً؛ داعياً كافة المهتمين والكوادر الإشرافية للعمل الجاد من أجل التغيير والتطوير في الإشراف التربوي.
وانطلاقاً من أدوار الإشراف التربوي الهادف إلى تجويد المنظومة التعليمية بكامل عناصرها وتطويرها، وإحداث التكامل بينها بما يكفل تحسين المخرجات النوعية لبيئات التعلم المختلفة، فقد برزت الحاجة إلى إعادة النظر في مجمل العمليات الإشرافية على مستوى الفكر والممارسة، والبنى التنظيمية والهيكلية للإشراف التربوي وتطويرها، ليتمكن المشرف التربوي من أداء رسالته في تطوير بيئات التعلم بكفاءة وفاعلية؛ وذلك كون الإشراف التربوي منهج تطبيقي يجمع ما بين العديد من وظائف الإدارة من تخطيط وقيادة ورقابة وتنمية مستمرة للموارد البشرية والمادية والفنية بأسلوب مرن فيه ديناميكية خاصة وآفاق من الحرية والإبداع معاً.(الطعجان، 2016م)
ويرتكز الإشراف التربوي الحديث ضمن التوجهات التربوية المعاصرة في حلتها الجديدة على الإشرافِ المبني على الأداء، وهو أداء الطلبة، ويشكل هذا التوجه توجهاً عصرياً ينضاف إلى نظريات الإشراف التربوي المتعددة، راسماً خطة تربوية بصورة مثالية خالقة بيئة تعليمية إشرافية نابضة بالتعلم والتوجيه، كما وتسهم في تعزيز الجهود الإشرافية الرامية إلى تطوير قدرات المعلمين، رافعة من مستوى تحصيل طلبتهم، تجويداً ورفعاً للعملية التربوية والتعليمية بكافة عناصرها، وهو ما يضعنا تحت طائلة الإشراف التربوي المعاصر. (الزياني وآخرون، 2007م).
ويمكننا أن ندرج تحت طائلة التوجهات المعاصرة في عالم الإشراف التربوي الهادف والفعال: الإشراف الإلكتروني والذي أخذ صداه يتردد في عالم الإشراف التربوي بصورة فاعلة أكثر من غيره من التوجهات المعاصرة في هذا المجال بالذات، حيث تظهر قدرات هذا الإشراف بصورة مركزة على الجانب الأدائي التقني المرتبط بقدرة الاشراف التربوي على مجاراة الأمور بصورتها السليمة؛ من أجل أن تحظى العملية الإشرافية بحالة من السرعة والتطوير دون تعطيل للمهام والأدوار. كما ويسهم الإشراف التربوي الإلكتروني في رفع كفاءة المتجهين إلى التعامل معه سواء كانوا كوادر إشرافية من مشرفين ومشرفات، أو كوادر تعليمية من معلمين ومعلمات فهو يشكل توجهاً تربوياً إشرافياً حديثاً له من الأثر الفاعل و الهام في العملية الإشرافية بأسرها.
قد يخيل إلينا أن تلك التوجهات المستحدثة في عالم الاشراف التربوي قد تغني المشرف عن طائلة المعيقات والتحديات التي تواجهه في العملية التربوية، وهذا ليس بصحيح؛ لكون الاشراف التربوي بتطوراته قد اتخذ مساراً جديداً وتحديات جديدة بناء على التطوير المستمر، وهو ما يضطر المشرفين التربويين إلى أخذ كافة التدابير الاحترازية بعين الاعتبار للتعامل بجدية مع كافة التحديات والمعيقات لتخطيها والتفوق عليها بخلق بيئة إشرافية نابضة بالعلم والتوجيه والتفاعل والنشاط.
ومن أهم ما يمكننا إجماله في قضية الإشراف التربوي وتحدياته التربوية كثرة الأعباء الإدارية الملقاة على عاتق المشرف التربوي، حيث تعد هذه في مقدمة الصعوبات والمشكلات التي تواجهه إذ توجد أعباء و مهام يكلف بأدائها وقد تفوق طاقته؛ مما يؤدي إلى تقصيره في القيام بدوره الأساسي في الإشراف على العملية التعليمية وتطويرها ويتضح ذلك القصور حين نعلم قلة عدد المشرفين التربويين في الميدان نتيجة افتقار الإشراف التربوي إلى كثير من عناصر الجذب إضافة إلى نصاب المشرف التربوي الكبير من المعلمين؛ مما يؤدي إلى ضيق الوقت أمامه سواء في التخطيط أو الإسهام في إعداد البرامج التنشيطية و التدريبية. ويؤثر سلبا على مهامه كذلك تعدد مصادر التوجيهات و التعليمات و تفاوتها إضافة إلى قلة الحوافز التي تدفع الزملاء المعلمين المتميزين للالتحاق بالإشراف التربوي.
وكخلاصة لما سبق، يتوجب تفعيل الإشراف التربوي الحديث بصورة ترتقي لمتطلبات العصر وتحدياته داخل المنظومة التربوية والإشرافية بأسرها، كما ويمكن تسخير الاستفادة الإشرافية المعاصرة واتجاهاتها من خلال إتاحة الفرصة للعديد من الكفاءات الوطنية بالابتعاث لتنمية الكوادر الإشرافية لتطوير نظامنا التعليمي، والاستفادة من تجارب الدول العربية والمتقدمة في مجال الإشراف.
وأخيراً فإن تجاوز الإشراف التربوي متمثلاً بمشرفيه التربويين ومشكلاتهم، واستقامة شؤونهم، والرفع من معنوياتهم، وتمكنهم من إيجاد آليات حقيقية للعمل باتت قادرة على تحقيق أداء فاعل في ميدان التعليم والإشراف ومعالجة ما يتعرض هذا المجال من مشكلات وصعوبات وتحديات حقيقية، سيمكننا من أن نتوقع إشراقاً تربوياً يرتقي إلى تحقيق تطلعات وطموحات الأجيال القادمة مستقبلاً، من خلال إشراف ومشرف تربوي فاعل ذو خبرات وقدرات علمية وعملية وفنية تجعله مؤهلاً أمام ذاته وأمام الجميع وأمام إنجازات مهنته بصورة تضمن المعالجة الحقيقية للتحديات والمواجهات التربوية بطرق علمية وعملية وإشرافية متميزة.
تعليم جديد