تعتبر الإيجابية من الأمور الهامة حيث أن التفكير الإيجابي تجاه الذات والمجتمع يحقق أهدافا جمة لها تأثيرها القوي في تعديل سلوكيات الفرد، فلابد أن تتضمن استراتيجيات المدرسة خططا بارزة لتنميتها مع مايتوافق و رؤية المملكة السعودية 2030.
تنمية التفكير الإيجابي تجاه الذات
1- بناء شخصية وهوية الفرد الذاتية:
ويقصد بهوية الذات: ” الصورة الذهنية التي يحملها الإنسان عن نفسه، وإحساسه بذاته”. (حريري، 1424هـ) وذكر (أبو زيد، 1987) أنه “تنظيم إدراكي انفعالي معرفي متعلم موحد يتضمن استجابات الفرد نحو نفسه ككل”. كما يعرف الثبيتي (1409) مفهوم الذات على أنها “مفهوم افتراضي شامل يتضمن جميع الأفكار والمشاعر عند الفرد، و التي تعبر عن خصائص جسمية وعقلية وشخصية وتشمل معتقداته وقيمته وخبراته وطموحاته”.
“وللهوية الأثر الكبير في تحديد فكر الإنسان وقيمه وسلوكه. ونظرًا لقوة تصورك الشخصي لذاتك فإنك دائمًا ما تؤدي سلوكًا خارجيًا يتفق مع صورتك لذاتك داخلياً”. (تريسي،2007م)
وقد جاءت السنة النبوية ترسخ الشخصية والهوية الإيجابية من أعمال الإنسان، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”. (البخاري، 1414هـ)
فالتغيير الإيجابي البناء الذي ينبع من داخل النفس له تأثير قوي في الشخصية وتوجهها نحو الأفضل.
ونجد النبي صلى الله عليه وسلم ينبه أتباعه إلى أن السلوكيات السلبية التي قد يقعون فيها هي في حقيقتها، مما ينافي كمال استحقاقهم للهوية الإيجابية التي ينسبون أنفسهم إليها كقوله “والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه” (البخاري 1414هـ). فجعل السلوك السلبي مناقضًا للهوية الإيجابية للمؤمن الصادق في إيمانه.(الرقيب، 2008م)
لذلك لابد من التحلي بالسلوكيات الإيجابية لأنها تعتبر من صفات المؤمن التي حث عليها القرآن الكريم والسنة النبوية. وشعور الفرد بالوعي الذاتي يجعله يسعى دائماً لتقديم أفضل ما لديه من إيجابيات.
2- أثر الأسماء والصفات الإيجابية على الذات:
الاسم الإيجابي أو السلبي له تأثير على الذات “فعن سعيد بن المسيب عن أبيه أن أباه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما اسمك قال: حزن، قال: أنت سهل، قال لا أغير اسمًا سمانيه أبي، قال بن المسيب: فما زالت الحزونة فينا بعد” (البخاري، 1414هـ).
كما أن رسول الله كان يحث أتباعه على التسمي بأسماء ذات معان إيجابية يعززها في الشخصية فقال صلى الله عليه وسلم: ” أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام”(أبو داود، 1409هـ).
لذلك ينبغي المناداة بالاسم أو استخدام صفة معينة لكسب الذات الإيجابية للوصول إلى أفضل النتائج.
3- التوقع الإيجابي للمواقف والأحداث:
يوضح أهل المعرفة بالتفكير الإيجابي أن التفكير في أمر ما والتركيز عليه هو أحد القوانين الرئيسة في توجيه حياة الإنسان سلبيًا أو إيجابيًا.
” إن ما نفكر فيه تفكيرًا مركزًا في عقلنا الواعي ينغرس ويندمج في خبرتنا” (برايان، 1412هـ).
فعن أبي هريرة: “قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى “أنا عند ظن عبدي بي”. (البخاري ومسلم) وفي رواية أخرى للحديث:” إن الله عز وجل قال: أنا عند ظن عبدي بي إن ظن بي خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله”، ( قال ابن حجر:” أي قادر على أن أعمل به ما ظن أني عامل به) ” (البخاري).
4- التفاؤل:
إن المراد من التفاؤل هنا هو “الإيمان بالنتائج الإيجابية، وتوقعها حتى في أصعب المواقف والأزمات والتحديات”(سكوت، 1424هـ). ومن ثمراته أن يشعر المتفائل بسلطته وقوته وأنه متحكم في حياته بحكمة وذكاء حتى في مواجهة المشكلات المختلفة.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مُحبًا للتفاؤل وكارهًا ومجانبًا لما يضاده من التشاؤم والتطير، فعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة” (أبي عبيد، 1414هـ).
قال النووي (1407هـ) في شرح الحديث: “وإنما أحب الفأل لأن الإنسان إذا أمل فائدة الله تعالى وفضله عند سبب قوي أو ضعيف فهو على خير في الحال”.
” وكون المرء إيجابيًا يعتبر أمرًا اختياريًا، فنختار النظر إلى الأشياء بطريقة إيجابية، وكذلك نختار التركيز على العناصر الإيجابية في موقف ما، وعلاوة على ذلك نستطيع البحث عن الفوائد والمزايا” (ديبونو، 1421هـ).
وللتفاؤل أهمية في صحة الإنسان “إن التفاؤل يجعلنا نشعر بدنيًا بحال أفضل، فالمتفائلون يعيشون بصحة أفضل من سواهم، لأن أجهزة المناعة لديهم تعمل بشكل أفضل لحمايتهم” (جين، 1426هـ).
لذلك يتطلب من الجميع النظر إلى الأمور بتفاؤل وأمل لأنه أمر إيجابي يُبعد الشخص عن السلبية في التفكير.
5- الحوار والتحدث بإيجابية مع الذات:
الحديث الذاتي:” هو ما يقوله الإنسان أو يؤكده لنفسه عندما ينفعل مع نفسه، أو يتفاعل مع تقييمه الذاتي لأدائه” (الملا، 1418هـ).
ومن أفضل الأساليب التي يرشدنا إليها النبي الكريم هي تعويد النفس على النفور من الألفاظ والمعاني القبيحة. ” فقد دلت الدراسات أن 80 % مما نقوله لأنفسنا يكون سلبيًا ويعمل ضد مصلحتنا، فمن الممكن للبرمجة الذاتية والتحدث مع النفس أن تجعل منك إنسانًا سعيدًا ناجحًا يحقق أحلامه، أو تعيسًا وحيدًا يائسًا من الحياة ” (الفقي ، 1425هـ).
ففي حديث أن رجلاً رفض الأمر النبوي الإيجابي وافترض بلغته واقعًا سلبيًا، فعن سلمة بن الأكوع أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال: كُل بيمينك، قال: لا أستطيع ، قال : لا استطعت ما منعه إلا الكبر، قال: فما رفعها إلى فيه” (مسلم).
” إن اللغة التي تتحدث بها لا تعكس سلوكك فقط، ولكنها أيضًا تؤثر عليه؛ لذا عليك اختيار كلمات وعبارات مفعمة بالحيوية والإيجابية، لكي تنجح في حياتك، وعليك بفحص الكلمات التي تستخدمها وتغيرها إن لزم الأمر بحيث تعكس الإيجابية والتوجه البناء الذي تنشده” (التفكير الإيجابي، 2005م).
بناءً على ذلك ينبغي الحوار مع الذات والتحدث بإيجابية وقبول كل أمر إيجابي لما له من تأثير على الشخص.
6 – التطوير والتغيير الإيجابي المتواصل:
يتطلب من الشخص تجاه ذاته عدة مقومات هامة لتحقيق التطوير والتغيير المستمر لشخصيته. ولكي تصبح فعالاً بحق، عليك بتطبيق استراتيجيات التفكير الإيجابي، ليس فقط فيما يخص الأفكار والأفعال والانفعالات اليومية، ولكن بمستوى أعمق من ذلك بكثير بحيث ترسخ خصال شخصيتك بثبات وقوة ” (التفكير الإيجابي ، 2005م).
ونُشير لهذه المقومات الفعالة في الرسم البياني التالي:
تنمية التفكير الإيجابي تجاه المجتمع
1- النظر إلى المجتمع بإيجابية:
بداية هذا الموضوع حديث الرسول الكريم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال”إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم” (أخرجه مسلم).
قال الخطابي في شرح الحديث: “معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساوئهم ويقول فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي أسوأ حالاً منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم وربما أداه به ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم ” (الخطابي، 1988م).
“ثمة طريقتان أساسيتان للنظر إلى العالم، بوسعك التحلي بنظرة للعالم تتميز بالإيجابية فتصير شخصًا إيجابيًا، وترى العالم في إطار الخير والإحسان، وتصير أكثر تفاؤلاً حيال ذاتك، وتصير شخصًا أكثر سعادة وأكثر فاعلية، أو التحلي بنظرة تتسم بالسلبية والخبث تجاه العالم فلن ترى حينها سوى المشكلات والظلم في كل مكان، وترى القيود وعدم الإنصاف بدلاً من رؤية الفرص والأمل”(بريان ،1421هـ). ومن ذلك، النظر بإيجابية للمجتمع الذي نعيش فيه لنشعر بالتفاؤل والأمل والنور وبذلك نكون أكثر إنجازاً وإنتاجاً.
2- حب الخير للآخرين:
“يعتمد النجاح في المهنة على عاملين هما: مهارات العمل، والعلاقات الإنسانية. فبناء علاقات إنسانية ناجحة يبدأ بالموقف الإنساني الإيجابي ” (إلوود ، 1423هـ).
” وأولى المواقف الإيجابية في إنشاء علاقة إيجابية هي محبة الناس ابتداءً، فمحبة الناس لك هي أصلاً انعكاس محبتك لهم، فيفتح الناس لك قلوبهم كما تتفتح الزهور لأشعة الشمس” (نورمان، د،ت).
“فحين نحب الآخرين بصدق فإننا نساعدهم على الإحساس بالأمن والطمأنينة، ونؤكد قيمتهم الأساسية، ونسهل لهم أن يعيشوا قوانين الحياة من التعاون والمشاركة والانضباط، والاستقامة” (ستيفن، 1998م).
ويظهر هذا الحب للآخرين بحب الخير لهم ومن ذلك مايوضحه الرسم أدناه:
3- الموقف الإيجابي من أخطاء الغير:
“لما كان الوقوع في الخطأ من الصفات اللازمة للإنسان ولما قد يترتب على الخطأ حين وقوعه من تنافر القلوب وحدوث القطيعة بين الناس، وهذا كله مما يضاد مقصدًا من مقاصد الشريعة وهو التآلف بين البشر عمومًا، وبين أبناء ملة الإسلام خصوصًا، فقد ورد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم عدد من القواعد التي تضبط النفس البشرية وترتقي بها إلى مستوى اتخاذ مواقف إيجابية عند وقوع اختلاف مع الآخرين بسبب وقوعهم في خطأ غير مقبول عند الطرف الآخر”(الرقيب، 2008م).
ومن طرق التعامل مع أخطاء الآخرين ما يوضحه الرسم التالي:
4- قبول الناس كما خلقهم الله:
“عندما يستخدم الإنسان التفكير الإيجابي في أقواله وأفعاله وعلاقته مع الناس فإن ذلك يوجد عنده موازين إيجابية معتدلة تجعله يحترم الجميع، ويعرف منازلهم فيعطي كل واحد منهم ما له من حقوق الاحترام والتبجيل مهما كان صغيرًا أو كبيرًا في السن شريفًا أو وضيعًا في النسب، ويتجلى المنهج النبوي الكريم في احترام الناس من خلال عدة أمور”(الرقيب ،2008م) ويتم توضيحها في الرسم أدناه:
دور المدرسة في تنمية تنمية التفكير الإيجابي: