اخبار التعليم

التعليم في 2050

استخدمت العديد من الدول التقنيات والابتكارات المتوافرة وتم دمجها بالتعليم و مازال التطور التقني يتوالى، فمنذ اختراع المذياع سنة 1896م بدأت بعض الدول في أوروبا وأستراليا والولايات المتحدة في استخدامه كوسيلة لإيصال التعليم للقرى والمناطق النائية. ومع التطور الحاصل والمستمر في التقنيات، فإن عجلة التدريب والتعليم ستنتقل للأمام وبشكل متسارع. لكن ماذا سيحدث خلال السنوات القادمة؟ وهل ستظل الطرق والأساليب والمناهج والتجهيزات التدريبية والتعليمية كما هي الآن؟ الإجابة تجدها أخي القارئ بين ثنايا سطور هذا المقال.

المسافة الكبيرة التي قطعها مجال التعليم عن بعد من الاعتماد على الصوت فقط بداية القرن 20، إلى التفاعل الكامل بين مرسل المعلومة ومستقبلها، يعطي انطباعاً مبدئياً عن حجم التغيير والتطور الهائل في التقنيات المستخدمة خلال قرن من الزمان، بل إنه قبل عشرات السنين وعند التفكير في إنشاء كلية أو مدرسة، يتبادر إلى الذهن بادئ الأمر حجم المبنى والتجهيزات الأساسية فيه للبدء باستقبال الطلاب. أما الآن ومع العدد المتزايد للجامعات الافتراضية والأكاديميات العالمية التي توفر دروسا عن بعد سواء كانت مجانية أو غير مجانية، أصبح الوصول للمعلومة أكثر يسراً وأكثر مرونة مما لا يستدعي وجود المباني الضخمة لاستيعاب عشرات الآلاف من الطلاب.

وهنا تجب الإشادة ببعض المبادرات العربية في إيجاد قنوات تعليمية افتراضية سواءً الحكومية أو الفردية، وتوجه القيادات بالمؤسسات التعليمية إلى البدء بالمشاريع النوعية الداعمة للتعليم والتي أعطت المتعلمين فرصة أكبر للاعتماد على أنفسهم في البحث عن المعلومة وانتقائها. هناك أيضا مشاريع عربية واعدة مثل الجامعة العربية المفتوحة والجامعة السعودية الإلكترونية ومنصات إدراك و رواق و ملتقى الدارين… وجميعها تهتم بتوفير تعليم مفتوح أو مدمج للمستخدم العربي، ولعل عدد الملتحقين بالمقررات والدورات المقدمة في هذه المبادرات يؤكد أهمية التوجه للتعليم الإلكتروني في الوطن العربي وجاهزية المستخدم العربي للاستفادة من التقنية في التعليم.

لو قارنا كذلك عدد الطلاب في الفصل الواحد قبل عشرين سنة بعددهم اليوم، سنجد أنه زاد إلى أكثر من الضعف، فهل يمكن استيعاب الأعداد المتوقعة للطلاب عام 2050؟ هذا إذا علمنا أن متوسط أعداد الطلاب في الفصل الواحد هذه الأيام يعتبر كبيراً جداً مقارنة بالكثير من الدول المتقدمة في مجال التعليم.

في هذا الصدد، تُطرح مجموعة من التساؤلات التي تؤكد أن القريب العاجل سيشهد تغيرات كبيرة وجوهرية في أساليب وطرق وتجهيزات المؤسسات التدريبية والتعليمية وأن بقاء الحال في التعليم من المحال، بل يرى بعض المختصين أن عدد مباني المدارس والجامعات سيتقلص خلال السنوات القريبة مما سيؤدي إلى انقراضها في 2050 م.
بين اليوم والغد، وفي هذه الرحلة التي ستستمر لما يزيد قليلاً عن ثلاثة عقود من الزمن والتي ستشهد تقنياً الكثير من المتغيرات، سنركز على المواصفات المتوقعة في معلمي المستقبل وكذلك البيئة التعليمية المستقبلية.

معلم 2050:

في دراسة اسكتلندية تطرقت للمهارات المطلوبة لمعلمي 2050، تم تحديد أهم المواصفات اللازمة في معلمي المستقبل وكانت على النحو التالي:

    • الاهتمام بالتعليم بقدر الاهتمام بالعطلة.
    • الالتزام والاهتمام بتعليم كل طفل في المدرسة.
    • تشجيع التفكير الإبداعي الناقد.
    • خلق الاهتمام والرغبة بالتعلم لدى المتعلمين.
    • خلق بيئة محفزة على الفطنة والإبداع في فهم وتطبيق المهارات النظرية وتحويلها لواقع ملموس.
    • إجراء الشراكات لدعم التعليم الفردي أو الجماعي للأطفال.
  • التواصل مع الزملاء وإنشاء مجموعات الاهتمام بين الزملاء ومشاركة الأفكار.
  • الحرص على المشاركة في أنشطة التطوير والتعلم الذاتي.

البيئة التعليمية في 2050:

في الحقيقة، عند مقارنة التطور الحاصل بين التعلم والتقنية، نلحظ البون الشاسع بينهما والذي يميل بلا شك للتقنية. فأساليب التعلم تتطور لكن بطريقة أكثر تحفظاً من التقنية وهذا يقودنا للنقاش المستمر حول التعليم من خلال التقنية أو كون التقنية وسيلة مساعدة للتعليم فقط.
الأكاديميون والمعلمون في الوطن العربي أصبحوا أكثر تعوّداً على مصطلح التعليم المدمج، بل إن الكثير من الأفكار التطويرية للتعليم تنطلق من استخدام الإمكانيات التقنية في حث الأفراد على التعلم و إعداد المؤسسات التعليمية لمسايرة هذا التطور التقني.
أثناء مشاركتي في المؤتمر التقني الثامن بالمملكة العربية السعودية والمنعقد من 14 إلى 16 ربيع الأول من عام 1438 هـ (15-17 دجنبر)، قال الخبراء أن المستقبل في الوطن العربي للتعليم المدمج، وهو في الواقع كل ما يتم تطبيقه على مستوى بعض الأفراد من المعلمين والمعلمات أو من خلال مبادرات حكومية طموحة مثل الجامعة الإلكترونية السعودية والتي تتطلب الحضور بنسبة 25%، بينما 75% من الخطة التعليمية يتم دراستها بأسلوب التعليم الذاتي، وذلك في أربع كليات تقدم تخصصات متعددة على النحو التالي:

  • كلية العلوم الإدارية والمالية.
  • كلية الحوسبة والمعلوماتية.
  • كلية العلوم الصحية.
  • كلية العلوم والدراسات النظرية.

إن نجاح مثل هذه المبادرات سيؤدي بالتأكيد إلى التوسع في التجربة في البلدان المطبقة لها ونقلها إلى دول الجوار، وسيسمح كذلك للباحثين بطرق باب الدراسات التطويرية لهذه التجارب.

ستشهد العقود القادمة أيضا تطورا هائلا في ميدان التعليم المصغّر (Micro Learning) سينتشر معها التعلم باستخدام الأجهزة الحديثة (Smart Phones) والأجهزة اللوحية (Tablets) والذي سيكون له الأثر الكبير في زيادة المرونة في التعلم وتكييف البيئة التعليمية مع إمكانيات الأجهزة المتنقلة لخدمة حاجيات المتعلمين الخاصة.
إن الاعتماد على تقنيات وأساليب التعلم الإلكتروني بما فيها التعليم عن بعد والتعليم المدمج والتعليم المفتوح سيكون له تأثيرات كبيرة على طرق التعليم المستقبلية فالتعليم الإلكتروني بدون شك هو لغة الحاضر والمستقبل فدعونا نبني مستقبلنا ونخطط له جيداً.

 

إغلاق