تربية
طفل السابعة المتمرد: مراهقة لم تأتِ وطفولة لم تمر
طفل السابعة يقع في مرحلة وسطيه بين الطفولة المبكرة- بالأمس- وهو بمثابة امتداد لها، وبين الطفولة المتأخرة والاستعداد للمراهقة – غدًا. السابعة هي تلك المرحلة التي يبدأ فيها ذلك الصراع بين القيم الاجتماعية والتمرد لتحقيق الذات، ومن أكثر المظاهر النفسية التي تظهر على الطفل في تلك المرحلة القلق والعصبية ويتجلى ذلك في تمرد معظم الأطفال في هذا العمر.
كيف يمكنك العبور من تلك المرحلة بسلام؟
نستعرض معًا بعض النقاط المهمة التي لايجب عليك فعلها مع طفل السابعة:
1. لا تملي عليه ما يفعل
طفل السابعه هو ليس ذلك الطفل الذي كان يحبو بالأمس ويتعلم المشي فهو لا ينتظر منك أن تملي ما يجب عليه فعله فهو سوف يفعل ما يريد دون أن ينظر نحوك ليعلم إن كان يعجبك ذلك أم لا، فإذا كنت تريد توجيه طفلك إلى عمل معين فلا تستخدم طريقة الأمر، ولا تقل له افعل كذا، ولا تفعل كذا، فقط كل ما عليك فعله في هذه المرحلة أن تدعوه إلى طاولة الاجتماعات لأمر مهم، وأن تطلب منه أن تحددوا معًا المهام التي يجب إنجازها، ودعه يضع المهام والمقترحات وساعده فقط في تفتيح بعض النقاط له واسمح له باغتنام الفرصة لقيادة عملية وضع المهمات ثم تنفيذها.
2. لا تخاطبه بفوقية
جميعنا مررنا بتلك المرحلة التي شعرنا فيها بالعجز لأن هناك قوة عظمى تتحكم بنا، وهي قوة والدينا وذلك من أهم الأمور التي تساعد على زيادة التمرد، فعندما تشعر أنك مقيد، وهناك من يتحدث إليك بسلطه عليا، فإنك دون وعي تتخذ ذلك الموقف المعادي لما سيقول مهما كان في مصلحتك !
خاطب طفل السابعه كصديق له، وتعامل معه على أنكما في رحلة معًا عبر الزمن لبعض الوقت، وكل مهمتك في الحياة أن تساعد هذا الصديق لكي يصل إلى بر الأمان، وليست مهمتك هي إيصاله إلى بر الأمان، فهو لا يحتاج منك ذلك، ولكنه يحتاج إلى اكتشاف ذلك الطريق بنفسه، فقط استرخ وتعامل مع الأمر كما لو أنك في لقاء مع صديق حميم وتعامل معه بمنتهى البساطة والتلقائية.
3. لا تقلل من احترامك له
لو أن هناك كلمة سحرية لبقاء الأمن مستتبًا مع الطفل لكانت تلك الكلمة هي “الاحترام” فعندما تحترم قرارات طفلك ورغباته فأنت على الطريق الصحيح لبناء علاقة فعالة مع طفلك.
أما إذا كنت ممن يستخفون بعقلية الطفل ويقولون عنه “عيل” فاستعد للمعارك الطاحنة فذلك “العيل” سوف يجعلك تندم أشد الندم أنك فكرت يومًا في الاستخفاف به!
4. لا تعرض عليه حلولاً لمشاكله
إذا كان طفل الرابعة والخامسة وحتى السادسة يجري ليبكي أمامك وهو دون حيلة لا يدري ما يفعل إذا واجهته مشكلة، فطفل السابعه لن يفعل ذلك بالتأكيد، فعقله سيخبره أنه يستطيع أن يجد حلاَ لكل شيء، ولن يأتي إليك إلا إذا كان يتوقع منك المشاركة الفعاله والثقة في قدراته على حل المشكلة.
ولكي تكسب ثقة طفل السابعة وتجعله يتوجه إليك حين يقع في مشكلة فعليك فعل ما يلي:
- استمع للمشكلة واعطه وقته كاملًا في عرضها ولا تقاطعه عند التحدث مطلقًا.
- بعد أن ينتهي من عرض مشكلته تفاعل مع المشكلة بهدوء، وأخبره أنها مشكلة مهمة، ولكنك تثق في قدرته على التفكير في حل لها.
- ثم اسأله عن رأيه في الحلول المقترحة لحل تلك المشكلة، أحضر ورقة وقلمًا، وابدأ بتدوين ما يقول والاهتمام به، وبعد الانتهاء اقرأ له كل مقترحاته،
- ثم اسأله بأي حل سنبدأ أولًا وجرب معه الحلول واحد تلو الآخر وناقشه فيها بموضوعية.
- ثم أخبره في النهاية أنك سعيد بأنه سمح لك بالمشاركة في حل مشكلته.
إذا قمت بفعل ذلك فتوقع أن تكون أول من يلجأ إليه طفلك دائمًا في أزماته، وتوقع أيضًا صدمات قليلة يفاجئك بها في مرحلة المراهقة.
5. لا تقف له بالمرصاد
كلنا في مرحلة ما من حياتنا نشعر أن هناك شخصًا ما يراقبنا من بعيد ويتصيد لنا الأخطاء ليثبت لمن حولنا أننا سيئون… فهل تريد أن تكون هذا الشخص بالنسبه لطفلك؟ هل ستحب ذلك الشخص الذي يتصيد لك أخطاءك دائمًا؟ أم ستريد أن يتغاضى عن بعض أخطائك كأنه لم يرها؟ هل ستكون مرتحًا وأنت تحت ذلك الميكروسكوب؟ أم ستفضل وجودك بعيدًا عن هذا الشخص؟
وبالطبع فإجابات طفلك ستحدد لك الطريق الذي تريد أن تسلكه معه.
6. لا تتكبر على الاعتذار
كلنا خطاءون وخير الخطائين التوابون.. لن يقلل من شأنك أبدًا أن تعتذر لطفلك بل سيجعلك ذلك مثالًا وقدوة تعلم بها طفلك كيف يتحمل نتيجة أخطائه، اعتذر عندما تخطيء، وأخبره أنك أخطأت حينما صرخت في وجهه، وأنك لم تستطع السيطره على تصرفاتك، وأنك ستظل تحاول إلى أن تنجح في ذلك، أخبره أنك تحتاج إلى مساعدته، وأن يذكرك عندما تنسى، وأنك نادم على فعلك هذا، وتأكد أن ذلك يزيدك احترامًا لدى طفلك ويجعله يثق بك وبنفسه ليتعلم دائمًا أن الخطوة الصحيحه تأتي عندما نصحح وضعًا خاطئًا.
7. لا تؤنبه عندما يخطئ
لا يجب عندما يعترف لك طفلك بخطئه أن تقوم بتأنيبه على ذلك الخطأ، ولا تذكره بأخطائه القديمة أبدًا، فقط استمع له ثم أخبره أنك سعيد أنه يتعلم من أخطائه، وأنه يطور من نفسه، وأنك ترى ذلك الجهد الذي يبذله ليكون شخصًا صالحًا.
8. لا تكرر أخطاء والديك مع طفلك
عندما علمت أنني سأصبح أمًا، أحضرت أجندة فارغة، وظللت أتذكر وأكتب ما كان يغضبني من والديَ في صغيري، وكنت أكتبها بصيغة: لا تفعلي كذا مع طفلتك فقد شعرتِ بكذا يوم أن فعل والديك ذلك، وبكذا يوم أن فعلت والدتك كذا.
تذكر أنك يومًا ما كنت طفلًا وكنت تسعى سعيًا إلى استقلالك وتحقيق ذاتك، تذكر مشاعرك وآلامك التي تراها الآن تافهة عندما يقوم بها طفلك، تذكر أنها كانت الدنيا بالنسبة لك، تذكر أنك تمنيت يومًا ما أن يتفهمك والداك أو أن يجلسو ليتناقشا معك، أو أن يسألاك ما إذا كانت طريقتهم تناسبك أم أن هناك طريقة أفضل من ذلك؟ تذكر أنك مررت بمرحلة تعاف من ذكريات الطفولة حتى تستطيع أن تكون ما أنت عليه الآن، تذكر أن هناك من يقف على مقربة منك، وعيناه تنظران إليك وتنتظران كيف ستعامله؟ هل ستتقبله كما هو؟ هل ستحبه رغم أخطائه؟ وهل ستسمح له أن يتمرن عليك ويمارس أساليبه العقلية المختلفة ليصبح عقله أكثر تطورًا وذكاء؟ أم ستقوم بتحجيمه وكبته وحرق كل أوراقه؟
عيناه حائرتان تائهتان، وأنت باب الأمان الوحيد الذي يعرف، فلتكن ذلك الأمان أرجوك لأنك إن لم تكن فسيجد الطفل طريقًا يمارس به ألعابه العقلية ليحصل على استقلاله وكيانه الخاص، ولكن بدلًا من أن يطورها من خلالك وإلى جانبك وبرضاك، سيطورها رغمًا عنك ليتلاعب بك وعليك.
فكلنا وجدنا يومًا ما طريقنا للاستقلال، ولكن ما الثمن الذي دفعناه خلال ذلك الطريق؟