إرشادات
إطار المحتوى المعرفي التكنولوجي البيداغوجي TPACK Framework
يستوقفني المفكر الهندي البارز المهاتما غاندي عندما قال: “يجب أن أفتح نوافذ بيتي حتى تهب عليه رياح جميع الثقافات، بشرط ألا تقتلعني من جذوري”. التكنولوجيا لغة العصر، التي يجيدها جميع طبقات المجتمع من صغيرها لكهلها، حيث يستخدمونها في جميع مناحي الحياة. لذلك كيف لنا ألا نستثمر التكنولوجيا في مجال التربية والتعليم وبرامج إعداد المعلمين؟ وفي خضم صراع البقاء للأفضل، تسعى الدول لتطوير برامج إعداد المعلمين وتتنافس فيما بينها ليكونوا قادرين على مواكبة التطور، فيتم تسويق خريجيها إقليمياً وعالمياً.
ففي الوقت الذي انكبت الدول العربية على تدريب معلميها على دمج فنون التدريس التربوية بمحتوى تخصصهم، ذهبت الدول الغربية إلى ما هو أبعد من ذلك وأدخلت المعرفة التكنولوجية على مزيج المعارف الواجب توفرها في المعلم (Kanninnen,2009).
فقد سعى التربويون لتأطير المعارف التي يجب توافرها في المعلم حتى يكون معلماً ناجحاً، ويحقق مخرجات التعليم ومن أبرز تلك المحاولات الإطار الذي خرج به شولمان (Shulman,1986).
ما هو إطار التيباك TPACK Framework ؟
هو إطار المعرفة الخاص بالمحتوى والتربية والتكنولوجيا (Technological Pedagogical Content Knowledge Framework) الذي يهدف إلى توضيح كفايات ضرورية للمعلمين تمكّنهم من دمج التكنولوجيا بالتعليم (Mishra & Koehler, 2006).
ما الإسهامات التي ساعدت في ظهور التيباك؟
قام الباحثون بالعديد من المحاولات التي أسهمت في ظهور منحى التيباك، ومن أهم تلك المحاولات:
1- إطار المعرفة الخاص بالتربية والمحتوى (Pedagogical Content Knowledge)
حاول شولمان (Shulman,1986) تأطير ما يحتاجه المعلم من معارف وأدوات لتدريس محتوى معين، ونتج عن تلك المحاولات ما اصْطُلِح على تسميته بإطار المعرفة الخاص بالتربية والمحتوى (Pedagogical Content Knowledge)، وفيه أورد شولمان أن التدريس الناجح يتطلب بالضرورة فهم المعلم لطرق وأساليب التدريس التربوية المناسبة لمجال تخصصه، واعتبر إطار شولمان تكنولوجيا التعليم أدوات تسهل التدريس، ونتيجة تفاعل المعارف والأدوات السابقة هو التدريس الفعال. والشكل التالي يوضح إطار المعرفة الخاص بالتربية والمحتوى.
إطار المعرفة الخاص بالتربية والمحتوى PCK
2- تعليم التكنولوجيا للمعلمين بالتصاميم (Teachers Learning Technology by Design)
بعد ظهور التعلم الإلكتروني ارتأى كل من كوهلر وميشرا وبيروكسي (Koehler,Mishra, Peruski, 2004)، توسيع نطاق المعرفة التكنولوجية اللازمة لدى المعلمين، حيث يرون أن المعلم إذا أتيحت له فرصه تصميم درسه إلكترونياً سيكون ضمنياً قد طور معرفته التكنولوجية، وكوَّن فهما أوسع حول كيفية تأثير كل من المحتوى والتربية والتكنولوجيا بعضها في بعض، وكان من نتائج هذا البحث أن خرجوا بصورة أوضح عن فكرة استخدام الدروس الإلكترونية التي تدمج بين المحتوى والتربية والتكنولوجيا كوسيلة لتطوير معارف المعلمين ضمن هذه المحاور الرئيسية.
الوصول إلى إطار التيباك :
المعلم الناجح اليوم في عصر الثورة التكنولوجية والمعرفية هو المعلم القادر على توظيف التكنولوجيا في تدريسه لمحتوى ما بطريقة تربوية مدروسة قائمة على نظريات التعلم والتعليم، فأصبح اليوم مطلباً أساسياً للمعلم أن يطوع التكنولوجيا ويدمجها في المحتوى المعرفي لطلابه بطريقة تربوية.
ولهذا قام كوهلر وميشرا (Koehler & Mishra,2006) بتوسيع نطاق منحى شولمان بإضافة مجال ثالث وهو مجال التكنولوجيا كمجال معرفي مستقل قائم بذاته وليس كأداة مساعدة للتدريس. وقد استغرق بحثهما خمس سنوات من العمل المتواصل حيث ركز على تطوير وتأهيل معلمي التعليم العالي كمحترفين في العملية التعليمية على اختلاف تخصصاتهم. خرج الباحثان بمفهوم منحى التيباك(TPACK) وهو إطار المعرفة الخاص بالمحتوى والتربية والتكنولوجيا (Technological Pedagogical Content Knowledge Framework) والذي يهدف إلى توضيح كفايات ضرورية للمعلمين تمكنهم من دمج التكنولوجيا بالتعليم.
ولقد بين كوهلر وميشرا (Koehler & Mishra,2006) أن الدمج التكنولوجي الحقيقي يتطلب فهم واستيعاب العلاقات بين الثلاث معارف الأساسية، والتدريس الفعال يتطلب خلق مفاهيم جديدة تنتج من العلاقات بين المعارف الثلاث كما يوظفها الإطار الخاص بالمحتوى والتربية والتكنولوجيا (Jimoyiannis,2010).
إن إطار التيباك TPACK هو تفاعل معقد لثلاث أشكال رئيسة من أشكال المعرفة وهي: معرفة المحتوى (Content Knowledge)، ومعرفة التربية (Pedagogical Knowledge)، ومعرفة التكنولوجيا (Technological Knowledge). وهذا يتضح من الشكل التالي:
ويركز كذلك إطار التيباك على المعارف الجديدة الناتجة عن دمج هذه المعارف الرئيسية الثلاث إما بشكل ثنائي أو ثلاثي لينتج عنها أربع معارف مختلفة في مضمونها عن المعارف الأساسية التي شكلتها. وقد تجسد الإطار من خلال الدراسة التي قام بها كوهلر وميشرا في 2009م، والتي كان عنوانها “ما هو منحى التيباك؟”، وأخذ الإطار شكل مخطط يوضح تقاطع المعارف الثلاث داخل الإطار والمعارف الجديدة الناتجة من تقاطعها، فيتكون هذا المنحى من سبع معارف وفق الشكل التالي:
مكونات منحى التيباك الرئيسية والفرعية
ما الميزات التي يحققها التعليم الإلكتروني؟
يتميز التعليم الإلكتروني بعدة مزايا وسمات انبثقت من طبيعته وفلسفته، وقد حدد (دراردكة، 2008م، ص20) و(آل محيا، 2008م، ص42)، و(فريق بوابة الدار الإلكتروني للمعلم، 2006م، ص2) بعض تلك المزايا كما يلي: التنوع ،الجودة، التعاونية، المرونة، تقليل التكلفة، تلبية احتياجات الطالب.
الخلاصة:
يركّز إطار TPACK على كيفية توظيف التكنولوجيا لتتلاءم وَ طريقة التدريس اللازمة لتدريس محتوى معين ضمن سياق تعليمي محدد. فهو يعكس التفاعل والدمج بين المعارف الرئيسية الثلاث بمعرفة واحدة. فقُدم إطار التيباك على أنه إطار نظري لقاعدة المعارف لدى المعلمين الذين يسعون للتدريس بفاعلية مع التكنولوجيا، مستنداً على مبدأ الدمج المناسب للتكنولوجيا ضمن سياق تعليمي معين ينطلق من الفهم الموسع للمعارف الأساسية الثلاث.
وبهذا يتطلب من المعلم الوعي الكامل بالمعارف الثلاث الأساسية كل على حدة، وكذلك طبيعة اندماجها ببعضها والعلاقات بينها من خلال المعارف الأربعة المنبثقة عنها حتى يتسنى له دمج التكنولوجيا في ممارساته التعليمية بطريقة تخدم العملية التعليمية وبانسجام تام يصل إلى أذهان الطلبة، ويحقق الغايات المطلوبة دون تعقيد.