اخبار التعليم

هل وصلنا إلى ما وصل إليه التعليم في الدول المتقدمة ؟

المتأمل في مسيرة تطور التعليم في المملكة السعودية يجدها مسيرة حافلة بالتقدم ولكن هل فعلاً وصلنا إلى ما وصلت إليه الدول المتقدمة من تطور تعليمي!!

فعلاً، لقد حقننا تطورات عندما نقارن وضعنا الحالي بالوضع السابق لكنا اقتصرنا في المقارنة بيننا وبين أنفسنا ولم نتوسع بالمقارنة بين تقدمنا وتقدم الدول الأخرى، لذلك يظهر تقدمنا في تواتر أقل من تقدم الدول الأخرى وذلك لنصل إلى مصاف المراتب الأولى في التعليم.

وتعد فنلندا نموذجا تعليميا يحتذى به ، فقد استطاعت أن تتفوق على تجارب أخرى في أمريكا وأوروبا من خلال اعتبار التعليم هدفا وغاية وأساسا لصناعة الأجيال من أجل التنمية وخدمة الوطن. وأصبحت هناك قناعة تامة لدى الجميع بما فيهم الحكومة والمدرس والطالب والمجتمع بأهمية التعليم، والبحث العلمي، والتدريب. واستطاعت التجربة الفنلندية أن توجد تناسقا وتكاملا في عناصر العملية التعليمية وتوفر لها كل الإمكانيات والمناخ التعليمي المناسب، فوفرت الإمكانيات المادية والفنية المناسبة، والبنى الأساسية الضرورية للعملية التعليمة كالمختبرات والمشاغل العلمية، وهذا ما ينقصنا في مدارسنا بحيث تقوم المملكة بتطوير المناهج وتنسى تطوير المعلم وهو القائم على تنفيذ هذه المناهج بالإضافة إلى الأعباء التي يواجها المعلم وقلة الإمكانيات في العديد من المدارس.

كما اهتمت فنلندا بتأهيل المعلمين وتدريبهم واختيار الكفاءات المناسبة ، مما أهلها إلى  تجويد التعليم . ويمكن الاستفادة من التجربة الفنلندية في هذا المجال من خلال التعاون الفني واستقدام بعض الخبراء لوضع استراتيجية طموحة قابلة للتطبيق تراعي طبيعة وخصوصية المجتمع السعودي. ورغم عقد العديد من المؤتمرات والندوات الخاصة بتطوير التعليم يدعى لها خبراء ومتخصصون من مختلف دول العالم والتي تخرج بتوصيات وقرارات عملية إلا انها تظل حبيسة الدرج لا يتم تطبيقها على أرض الواقع.

نجاح فنلندا كدولة أوروبية صغيرة يعزى إلى مرونة المجتمع الفنلندي وإبداعه في جميع الجوانب. فالنظام التعليمي في فنلندا لم يعتمد على سياسات الاختبارات والسبب وراء ذلك هو أن مجتمع الباحثين الذين يساهمون في صنع السياسات في مجال التعليم غير مقتنعين بأن الاختبارات تزيد من تعلم الطلبة.

وبالرغم من تقدم التعليم في فنلندا نجد غيابا واضحا للتفاخر لأن تركيزهم كان على نجاح العملية التربوية وإعداد المواطن الفنلندي ليكون ناجحا بالحياة حيث يتمتع المعلم الفنلندي بالكفاءة وبالثقة ويحظى باحترام المجتمع وله الحرية في اختيار المادة وطريقة التدريس الملائمة. أما التعليم فهو مجاني في كل مراحله وفي المرحلة الإلزامية والكتب مجانية، أما في المرحلة الثانوية فعلى الطالب تحمل تكاليف الكتب.

كما أن فنلندا تتميز بمستوى تعليمي عام في كل أنحاء البلد ولاوجود لطلبة في القمة وطلبة في القاع وهذا على عكس ما يقام في مملكتنا الحبيبة. فبعض المدارس متوجة بلقب المدرسة النموذجية والبعض الآخر تنقصه التجهيزات . لذلك فإن مدارسنا ليست على نفس المستوى من الجودة بل إنها تختلف من مكان لآخر ومن مدينة لأخرى.

وتؤمن المدارس الفنلندية بأنه كلما قضى الطالب وقتا أطول في التحضير لاختبار كلما قلت فرص قيامه بالتفكير والتساؤل الحر، إذ يتم قياس مستوى الطلب من قبل خبراء ومعلمين داخل الفصول الدراسية. كفاءة تلميذ العاصمة هي نفسها كفاءة تلميذ القرية النائية والفارق. وبناء على ذلك فإن التعليم في فنلندا مبني على المساواة لا على التفوق. من جهة أخرى، فمدارسنا تعتمد بشكل كبير على الاختبارات التحصيلية كما أن إضافة اختبار القدرات تدل على عدم الثقة بجودة المخرجات التعليمية أو جودة التقويم الحاصل في المدارس.

قمت باختيار فنلندا من بين الدول المتقدمة (اليابان، كوريا) لأنها تقدمت بشكل سريع وتحولت من أواخر الدول في التعليم إلى مصاف الدول المتقدمة لتكون بذلك مثالا يحتذى به في تغيير الأنظمة التعليمية بما يناسب العصر والوقت، كما أنني تجنبت اختيار اليابان أو كوريا بالرغم من تقدمهما العلمي والتعليمي بشكل كبير وملحوظ إلا أنها دول تعاني من تفشي ظاهرة الانتحار وذلك يعزى إلى الضغوط النفسية الكبيرة التي يواجهها الطلبة والعاملون حيث أن اليوم الدراسي لديهم يتكون من 12 ساعة يومياً أي أنه لا يتبقى للفرد أي وقت لمزاولة هواية أو حتى الالتقاء بأفراد العائلة كما أن كوريا سجلت رقما قياسيا أيضا في حوادث الانتحار.

في الختام، الموازنة شيء واجب في حياة المرء ويجب أن لا يطغى جانب على آخر مثل حاجة الإنسان للأكل والنوم فحاجته لقضاء وقت مع الأهل أو المجتمع كحاجته للعلم والتعلم وهذا ما يحثنا علية الدين الإسلامي.

 

تعليم جديد

إغلاق