اخبار التعليمجامعات ومعاهدسلايد 1
المغرب: فوضى كلية الآداب تبدد “احتياطات كورونا” بالرباط
أعلى باب ملحقة كلية الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة العرفان بالرباط، تتدلى لافتة كبيرة يحث مضمونها زوار الكلية من الطلبة وغيرهم باحترام الإجراءات والتدابير الوقائية من فيروس كورونا؛ لكن مضمون اللافتة لا يجري تطبيقه على أرض الواقع.
أمام شبابيك سحْب الوثائق في جناح مصلحة الشؤون الطلابية، تبدو عبارتا “تجنب الاختلاط والتجمعات غير الضرورية” و”الحفاظ على مسافة متر واحد على الأقل مع الآخرين”، المكتوبتين على اللافتة الكبيرة المتدلية من أعلى باب الكلية، بلا معنى، حيث تلتصق الأجساد بالأجساد، وينتفي التباعد بينها ولو بعشرين سنتيمترا.
اللافت للانتباه هو أن إدارة الكلية أحاطت الحديقة بأشرطة لمنع الوقوف أو الجلوس فيها، وحُصر نطاق التحرك في الممرات الضيقة؛ ما جعل عشرات الطلبة يتزاحمون في مساحة ضيقة بالكاد تلامس مائة متر مربع أمام مصلحة الشؤون الطلابية.
“بحالا بغاوْ يتعاداو الطلبة بكورونا، حبسو عليهم الحديقة ومدخلين قيامة ديال البشر”، يقول والد طالب قصد ملحقة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة العرفان لسحب وثيقة خاصة بابنه، قبل أن يستدرك: “كنضنّ والله أعلم كيديرو هادشي (يقصد المسؤولين) باش يكرهو الطلبة في الكلية، ويمشيو لكليات أخرى”.
في مدخل الكلية، كان هناك حارس يوزع وريقات تحمل أرقاما يتم إدخال الطلبة بناء عليها بالتناوب، يلمسها بيده ويسلمها لهم يدا ليد، وعند البوابة مقياس حرارة يقيس حرارة الداخلين؛ لكن كل هذه الإجراءات تُضرب في الصفر أمام شبابيك مصلحة الشؤون الطلابية داخل الكلية، حيث يقف الطلاب وسط زحام شديد لمدة قد تتجاوز ثلاث ساعات.
عبثًا تدخل أحد الحراس، وبدأ يتوسل الطلبة: “الشباب را عندكم النوامر تنضّْمو شوية الله يرحم ليكم الوالدين”؛ لكن كلماته ضاعت وسط الضجيج، تاركا الفسحة الضيقة تضج بهرج ومرج موفِّر لكل الشروط الملائمة لانتقال عدوى فيروس كورونا بين الأجساد المتزاحمة، خاصة أن عددا من الطلاب لا يضعون حتى الكمامة.
الفوضى والعشوائية اللتان تسمان عملية سحب الوثائق من مصلحة الشؤون الطلابية في ملحقة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة العرفان تجعل الأجواء متشنجة بين الطلاب من جهة، وبين الموظفين من جهة ثانية، تصل في أحيان إلى الصراخ وتبادل السباب.
أمام أحد الشبابيك، دخل طالب في نقاش حادة مع الموظفة المكلفة. وفجأة، ثار غضب الموظفة، فقفزت من مكانها صارخة: “والله لا دّيتيها يا الحمار اللي ولدك”، فردّ الطالب بغضب: “والله تا ندّيها ضد امّك”، وارتفعت حدة الملاسنات وردت الموظفة: “والله تا نمشي للكوميسارية”، ثم أغلقت الشباك، وانخرط الطلبة الواقفون أمام في استجدائها من أجل تسليمهم وثائقهم.
ولم تكد هذه المعركة تنتهي حتى نشبت معركة ثانية أمام شباك آخر، حيث خرج السجال بين سيّدة يبدو أنها من الطلبة الموظفين جاءت لتسلم وثيقة وبين الموظفة المكلفة جعل السيدة الغاضبة تنزع نظارتها الطبية وضربت بها حافة الشباك، قبل أن تنخرط في ملاسنة حادة وبكاء جعل الحارس يتدخل لإبعادها.
كانت السيدة تبكي وترتعش وهي تحكي لطالبتين حاولتا تهدئتها أنها “تعرضت للظلم”، قائلة: “علاش تسد عليا الشرجم، هادي إهانة”، بينما حاول أحد الحراس تهدئتها، واعدا إياها بمساعدتها على الحصول على الوثيقة التي تريد استصدارها.
في مصلحة الشؤون الطلابية بملحقة كلية الآداب العرفان، يعاني الطلبة والموظفون على حد سواء. خلف شباك أحد المكاتب يقف موظف مطالبا الطلبة المتزاحمين أمام الشباك بالابتعاد والهدوء، وعندما رد عليه طلبة بأنهم تعبوا من الانتظار، قال: “را غي داير معاكم مزيان، أما را نسدّ هاد الزمر ونتهنا”، ثم أغلق النافذة في وجههم، قبل أن يعيد فتحها بعد توسل الطلبة إليه.
وعلى الرغم من أن إدارة الكلية لجأت إلى طرق من أجل تخفيف الاكتظاظ، من قبيل إرسال طلبات الحصول على الدبلومات عبر البريد الإلكتروني المخصص لهذا الغرض؛ فإن تسليم الوثائق المطلوبة يتسم ببطء شديد، وهو ما يؤكده والد طالب بقوله إنه ينتظر الحصول على وثيقة منذ أربعة أسابيع، مضيفا: “هاد الفوضى كاينة غير فالرباط”.
المصدر: هسبريس