اخبار التعليم
سبل زيادة فاعلية العملية التعليمية
ازدادت في الآونة الأخيرة المشكلات المتعلقة بالتعليم والتعلم، حيث أصبحت العملية التعليمية تتم بصورة نمطية تقليدية في أغلب الأحيان، مما يترتب عليه نفور بعض المتعلمين أو قيامهم بالتحصيل الدراسي لتأدية الاختبارات فقط بدون وجود تحصيل علمي وتربوي فعال، كما صارت مهمة التدريس ثقيلة على كثير من المعلمين، لافتقارها إلى الحيوية والنشاط والتجديد من جهة، وعدم إقبال الكثير من التلاميذ على التعلم من جهة أخرى، لذا فلابد من اتباع عدة خطوات لإعادة الروح والبريق إلى العملية التعليمية، وجذب المتعلمين للإقبال عليها برغبة فعلية وصادقة في التحصيل الدراسي والتعلم. خطوات يمكن أن تكون بداية للتغير المنشود..
أ- مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ
يختلف التلاميذ فيما بينهم من حيث مستوى فهمهم للمفاهيم العلمية المختلفة، وذلك بسبب اختلاف خبراتهم التي مروا بها. في حين نجد في الواقع أن الفاعل التربوي يتقبل -بشكل بديهي- وجود اختلاف في الأحجام والألوان والشخصيات والخاصيات الوراثية المتعلقة بالصحة والقوة الجسدية بصفتها حقائق، لكنه لا يتقبل حقيقة أن القدرات العقلية مختلفة، ولكن بما أنه حقيقيا ” قدرات الأفراد العقلية تختلف، وكذلك اهتماماتهم الفكرية، فمن الواجب تقبل جميع القدرات والمواهب ورعايتها، والتعرف على الفروق بين التلاميذ ومداها ومقابلتها بالكثير من الأمثلة والخبرات المتنوعة، وعدم الالتزام بحقائق معينة للوصول إلى فهم للمفاهيم العلمية[1]“.
والاختلافات بين التلاميذ ترجع أيضا إلى اختلاف الذكاء فيما بينهم، حيث يعرف جاردنر الذكاء بأنه: القدرة على حل المشكلات التي تواجه الفرد، أو تخليق إنتاج له أهمية في جوانب ثقافية متعددة مثل: الشعر والموسيقى والرسم والرياضة وغيرها من جوانب الثقافة. وبالتالي ومما سبق فإن الذكاء بمفهوم جاردنر ليس موحدا̋، وإنما متعددا̋، وأن كل فرد يمتلك ذكاءات متعددة، وهذه الذكاءات توضح الفروق بين الأفراد، وأن الاهتمام ليس بدرجة ما يملكون من ذكاء، بل بنوعية هذه الذكاءات. ويؤكد جاردنر على أن الأسوياء من الناس قادرون على الإفادة من توظيف جميع ذكاءاتهم[2].
وقد اقترح جاردنر وجود سبعة ذكاءات أساسية على الأقل وهي: الذكاء اللغوي، الذكاء المنطقي الرياضي، الذكاء المكاني، الذكاء الجسمي- الحركي، الذكاء الموسيقي، الذكاء الاجتماعي، الذكاء الشخصي[3].
وعلى ذلك فإن الاختلاف بين الأفراد يحدث نتيجة اختلافات كيفية في قوة كل نمط من أنماط الذكاءات، وفي طريقة تجميع وتداخل وتحريك هذه الذكاءات عند حل مشكلة ما أو القيام بعمل من الأعمال[4].
ومن ثم يجب أن ينظر المعلم إلى وجود اختلافات في قدرات التلاميذ العقلية والنفسية والاجتماعية، وهذا لا يعني بالضرورة أن يتم توفير منهج خاص وطريقة تدريس مفردة ومعلم خاص، ولكن ثمة طرائق يمكن أن يلجأ إليها في المنهج وفي طرائق التدريس، يمكن أن تقرب ما بين التلاميذ من فروق، وذلك لأنهم في النهاية يجب أن يتعلموا ويعرفوا أشياء مشتركة تعتبر ضرورية لهم في حياتهم العملية والخاصة[5].
وإذا كانت التربية أداة نمو الأفراد وتحسين قدراتهم والطريق لأي نهضة حقيقية، والمحرك للتغيير والتطوير فيما إذا توافرت الأجواء الملائمة، فإن العصر الحاضر والمستقبل يتطلب تربية وتعلىماً من نوع خاص متميز، تربية واعية وفاعلة مدركة لرسالتها، تربية تهيئ الناشئة لحقائق عصر جديد، هو عصر الثورة التقنية، وعصر التغير الاجتماعي المتسارع، وعصر الانفتاح الإعلامي والثقافي العالمي، عصر صناعة المعلومات وتوظيفها، وتمكّنهم في الوقت نَفْسِه من المحافظة على شخصيتهم الذاتية[6].
وهناك أسلوب جيد لجعل الطفل يكتسب المعلومات بصورة أفضل ويختزنها بذاكرته، وهو تقديم المعلومة للطفل بعدة وسائل: بصرية وسمعية ولمسية وحتى شمية حين يكون ذلك ممكناً. ذلك لأن استخدام الوسائل المتعددة في تقديم المعلومات يزيد من عدد العناصر المميزة في تجربة التعلم وبذلك يمكن مساعدة الطفل أكثر على استرجاع المعلومات فيما بعد، فالفرص التي يتاح فيها للطفل أن يلمس ويرى ويسمع ويشم الشيء، لابد أن تساعده أكثر على تسجيل السمات المميزة لهذا الشيء[7].
ب- تنويع التدريس
إن أفضل طريقة لتلبية احتياجات المتعلمين على اختلافاتها، هي أن يقدم محتوى المنهج بصورة متنوعة، فالتنويع هو القاطرة التي يصل من خلالها المتعلمون إلى المعلومات والمهارات والمفاهيم المطلوب تعلمها، حيث أن تنويع التدريس يتطلب مشاركة إيجابية من قبل التلاميذ في عمليات التخطيط، واتخاذ القرارات وعمليات التقييم، ومفتاح عملية تنويع التدريس يتمثل في استخدام المعلمين المرن للأنشطة التعليمية/التعلمية، ولطرق تنظيم الدروس، فتنويع التدريس هو فلسفة تربوية تُبنى على أساس أن على المعلم تطويع تدريسه تبعاً للاختلافات بين المتعلمين، ويعتبر تنويع التدريس نظرية تُبنى على فكرة أن طرق التدريس يجب أن تتنوع وأن تعدل لتتماشى مع تنوع قدرات وميول ومهارات المتعلمين في الفصل. بمعنى أن المعلم/المعلمة يغير ويعدل في عناصر المنهج لتتوافق مع خصائص المتعلمين وليس العكس، فلا يجب أن يتوقع أن يغير المتعلمون أنفسهم للتوافق مع المنهج[8].
ووجود الاختلافات بين الطلبة في أساليب التعلم يدفع المعلمين إلى استخدام عدد كبير من الاستراتيجيات لتتناغم مع الذكاءات المتعددة التي يتمتع بها طلابهم مع التأكيد على تنويع توظيف المعلمين لهذه الاستراتيجيات في التدريس[9].
ج- التعرف على الأساليب المفضلة للتعلم
ترى الباحثة أن التلاميذ يختلفون فيما بينهم في الأساليب التي يفضلها كل منهم في التعلم، ويمكن للمعلم أن يتعرف على تلك الأساليب إما بالملاحظة المباشرة أو بسؤالهم أو بواسطة الاستبيان، كما يمكن أن يقوم بالتدريس باستراتيجيات مختلفة يراعي فيها الأنماط المختلفة للمتعلمين، حيث يصنف المتعلمين إلى ثلاثة أنواع وهي: المتعلم البصري، والسمعي، والحركي. ويجب على المعلم أن يتعرف على السمات الخاصة بكل نوع ليس فقط لتنويع التدريس ولكن أيضا لمواجهة الاحتياجات الفردية للتلاميذ التي قد تتضمنها عملية التدريس مثل تفريد التدريس لتلميذ بعينه لديه مشكلة في التحصيل أو غير ذلك من المواقف، ولكل متعلم مجموعة من خصائص كما يلي[10]:
– المتعلم البصري
- يتذكر ما يقرؤه أو يراه.
- يتذكّر جيِّدًا المعلومات المقدمة في جداول أو رسوم بيانية أو خرائط.
- يفضل المعلومات مكتوبة.
- يفضل الصور والرسوم التوضيحية في المحتوى المطبوع.
- طريقة المذاكرة المفضله لديه عن طريق القراءة وكتابة ملاحظات وتعلىقات علىها.
– المتعلم السمعي
- حوالى 30 ٪ من التلاميذ يفضلون التعلُّم عن طريق السمع.
- يُعَدُّ هذا الأسلوب الأصعب في تعلم المادة التعليمية الجديدة.
- يتذكر ما يسمع وما يقول، وما يقوله الآخرون.
- يستمتع بالمناقشات في المجموعة الصغيرة.
- يتذكر جيِّدًا التعليمات الشفهية.
- يجد صعوبة في العمل بهدوء لفترة طويلة.
– المتعلم الحركي
- المتعلم الحركي يفعل الأشياء كي يتعلم، وهو يتذكر الأشياء حينما يقوم بفعلها.
- يكتسب الخبرة عن طريق الحركة واللمس.
- يصعب علىه الحصول على المعلومات عن طريق المواد المكتوبة أو المسموعة.
- يستمتع بالأنشطة العملية.
- يستطيع تذكر خطوات ما قام به جيِّدًا حتى بعد محاولة واحدة فقط.
- لديه تناسق عضلي جيد.
- يجد صعوبة في الجلوس في مكان واحد لمدة طويلة.
- التعليم بالخبرات المباشرة والتربية بالعادة.
عملية اكتساب المهارات والكفاءات عملية ممتعة بالنسبة للأطفال. فالأطفال الصغار لديهم رغبة عارمة في التعلم، ويشعرون برضا عظيم حينما يحققون النجاح والمشاركة[11].
وفي سن الطفولة حتى نهاية المرحلة الابتدائية أو منتصف المرحلة المتوسطة يعتمد التلميذ في تعلمه للمفاهيم على الخبرة الحسية المباشرة، بمعني أنه يريد أن يرى ويسمع ويلمس ويشم ويتذوق الأشياء لكي تكون مفاهيمه عنها صادقة وذات معنى، ويمكن أن يسهم في تعليم في تلك المرحلة الرحلات والدراسات الميدانية والوسائل التعليمية[12].
ومن الضروري جعل الطفل جزءاً من موقف التعلم، وإتاحة الفرصة له ليشعر بأن الموضوع ذو صلة مباشرة به، وأنه ليس مجرد مراقب للأحداث أو المشاهد، فإدماج الطفل في الموقف التعليمي يتطلب إحداث خبرات معايشة أو خبرات انغماس، تلزم الطفل باتخاذ موقف مما يجري، كأن يحكم على صحة الموقف، أو يقيم الموقف، ويقترح تعديلات أو إضافات عليه، و بذلك يتعلم الطفل من المعايشة الحقيقية للمواقف التي يعتبر جُزءا منها[13].ومن التطبيقات الواجب على المعلم اتباعها لتحقيق ذلك طريقة التربية بالعادة، حيث توفر جهداً كبيراً وذلك بتحويل الهدف السلوكي إلى عادة سهلة وميسرة، وعلى المعلم الناجح أن يوجه تلاميذه إلى إعادة النظر في كثير من عاداتهم السلوكية والقولية والانفعالية[14].
د- توجيه الأسئلة الفعالة لتشجيع التلاميذ
يساعد التساؤل التلميذ على جمع البيانات، ومعالجتها بحيث يكسبها معنى، ويتبين ما بينها من علاقات ثم يستخدم هذه العلاقات في مواقف جديدة ومختلفة[15].
وعلى المعلم أن يستخدم أسئلة فعالة تدعم البرنامج الإرشادي وتساعد التلاميذ على المزيد من البحث والفهم أيضاً، ويتجلى دور الأسئلة الفعالة في عملية التدريس في النقاط التالية[16]:
- تنمية اهتمام ودافعية التلاميذ وجعلهم يشتركون في تعلم الدروس بنشاط.
- تنمية مهارات التفكير الناقد والاستقصاء.
- تحفيز التلاميذ على مواصلة التعلُّم والمعرفة بالاعتماد على الذات.
- تشجيع ودعم المناقشات داخل الفصل.
- توجيه التفكير.
- تنمية التأمل لدى التلاميذ.
- مساعدة التلاميذ على بناء المعاني.
- استخدام أسلوب التعزيز.
يعرف التعزيز بأنه: حدث أو مثير يؤدي إلى زيادة احتمال حدوث الاستجابة فيما بعد. وأهم ما يميز هذا الأسلوب هو إمكانية التحكم في درجة المكافأة وقيمتها وتوقيت تقديمها لغرض السيطرة على السلوك وتوجيهه نحو وجهة معينة لضمان حدوث الاستجابة. ويعرف ثورنديك التعزيز بأنه إثراء الأداء أو الاستجابات، ويؤدي إلى الشعور بالرضا أو الارتياح في سعي المتعلم للحصول على هذا المثير أو الاحتفاظ به[17].
ويميل التلاميذ إلى تكرار السلوك الذي تعقبه التعزيزات أو المدعمات الإيجابية، فهم يحرصون غالباً على إتمام مهام التعلم للمدرسين الذين سيدعمون سلوكهم ويهتمون بهم اهتماماً خاصاً، كما يميلون إلى تجنب السلوك الذي يعقبه التعزيزات السلبية سواء أكانت خارجية أو داخلية المنشأ[18]. والاستجابات المعززة تصبح أكثر تكراراً أو احتمالاً في الحدوث أي أن تعزيز الاستجابة يزيد من احتمال حدوثها[19].
وعملية التعزيز الموجب أي المكافأة والنجاح تكون أكثر فاعلية من التعزيز السالب أي العقاب أو الفشل، فهي تجعل الطفل يشعر بالرضا أو اللذة ثم إنه يؤدي إلى تقوية الدافعية التي تعمل على تنشيط السلوك وتوجيهه وذلك على المدى الطويل. ويقدر سكنير أن معدل الاستجابات يزداد كلما كانت الفترة الزمنية بين حالات التعزيز قصيرة، كذلك يزداد معدل الاستجابات كلما كانت نسبة التعزيز صغيرة[20].
وتكرار اكتساب الطفل للسلوك المعزز المرغوب، وتجنب اكتسابه للسلوك المعزز غير المرغوب، ينمي لديه سلسلة من العادات السلوكية المرغوبة، التي تنمو و تتعزز اجتماعيا، فتصبح نمطا من أنماط سلوكه، يكون أكثر قابلية للظهور على ما عداه من أنماط سلوكية غير مرغوبة وغير معززة. وتدريجيا تتحول الأنماط السلوكية المرغوبة الأكثر تكراراً واكتساباً لدى الطفل إلى عادات، ومن ثم إلى سمات تحقق للطفل العديد من الإنجازات التي تقوده إلى سلسلة من الإشباعات النفسية والاجتماعية والأكاديمية[21].
كما يمكن استخدام أسلوب التعزيز في تعديل السلوك غير المرغوب لدى الطفل، وتعتمد كفاءة أو فاعلية تعديل السلوك غير المرغوب –لا على نوع التعزيز أو قيمته أو حجمه– وإنما تعتمد بدرجة أساسية على أهميته بالنسبة للطفل، وحاجاته النفسية النسبية له. وهناك العديد من أساليب التعزيز يمكن اتباعها داخل الفصول المدرسية، مثل: المدح والتعبيرات أو الإيماءات الإيجابية والنجوم الذهبية وتدعيم الشعور بالنجاح والنقاط أو العلامات أو الدرجات ولوحات الشرف وإتاحة الفرصة للطالب لكي يعمل ما يريد عمله من خلال الهوايات[22].
كما يمكن أن يكون التعزيز معنويا بأن يتم اختيار التلميذ الأكثر تكراراً للسلوكيات الإيجابية أو الأكثر التزاماً بالمعايير السلوكية المتفق عليها كقائد للتلاميذ، ويمكن اختيار أكثر من قائد، كما يمكن أن يكون التعزيز بإشارة معينة يتم الاتفاق عليها، بمعنى أنه عند وجود سلوك غير مرغوب كرفع الصوت أثناء الشرح مثلا يتفق المعلم مع التلاميذ على رفعه ليده اليمنى مضمومة، فيفهم التلاميذ أن عليهم خفض صوتهم، كما يمكن أن تكون هناك إشارة أو تصفيق متفق عليه أو أغنية معينة لتعزيز السلوك الإيجابي.
-أهمية استخدام أسلوب التعزيز في التدريس[23]
- إثارة الدافعية وتشجيع الرغبة في التحصيل واستخدام الثواب والتعزيز وجعل الخبرة التربوية التي يعيشها التلميذ كما ينبغي أن تكون من حيث الفائدة المرجوة.
- الاهتمام بالفروق الفردية وأهمية التعرف على المتفوقين ومساعدتهم على النمو التربوي في ضوء قدراتهم.
- إعطاء كم مناسب من المعلومات الأكاديمية والمهنية والاجتماعية تفيد في معرفة التلميذ لذاته وفي تحقيق التوافق النفسي والصحة النفسية وإلقاء الضوء على مشكلاته وتعليمه وكيف يحلها بنفسه.
- تعليم التلاميذ مهارات المذاكرة والتحصيل السليم بأفضل طريقة ممكنة حتى يحققوا أكبر درجة ممكنة من النجاح.
ولتحقيق التدريس الفعال ينبغي على المعلم إتباع ما يلي[24]:
- يشجع الطالب ويتقبل استقلالية تفكيره وتفرده.
- يوفر فرص الحوار مع الطلاب، والطلاب مع بعضهم البعض.
- يوجه الطلاب للاستقصاء بتوجيه تساؤلات مثيرة للتفكير والجدل.
- يعطي الوقت الكافي للطلاب ليفكروا بعد طرح الأسئلة عليهم.
- يحدد مدى فهم الطلاب للمفاهيم السابقة وخليفتهم العلمية حول الموضوع المطروح قبل الربط بالمفاهيم والموضوعات الجديدة.
- القيام بتوضيح أمثلة إضافية للمفهوم، وربط المفهوم بمفاهيم أخرى.
- تعويد الطالب على احترام آراء الآخرين وإن اختلفت مع آرائه، حتى لو كانت غير مقبولة لأول وهلة.
- يسمح بالتعاون بين المتعلمين بعضهم البعض، حيث أن التعلم من الأقران يُبقي أثر التعلم مدة أطول.
- يعطي اهتماما بالنواحي الاجتماعية لنمو المتعلم كالقدرة على الحوار وإبداء الرأي.
- يستخدم مصادر المعلومات ويشجع طلابه على استخدامها.
- يشجع حب الاستطلاع عند طلابه وإعطاء الطلاب الفرصة للمشاركة في بحث خبرات تتعارض مع فروضهم المبدئية.
- استخدام استراتيجيات تدريس متنوعة للدرس الواحد كلما أمكن ذلك:
المعلم الناجح هو من يسعى إلى جعل عملية التدريس مشوقة للتلاميذ باستخدام توليفة من طرق التدريس المختلفة التي تتناسب مع المنهج وطبيعة التلاميذ واختلافاتهم الفردية، وقدراته على التدريس، وهناك عدة استراتيجيات يمكن استخدامها، ومنها ما يلي:
1- استراتيجية الإلقاء ( التدريس المباشر ) أو المحاضرة
و تعتمد اعتماداً كلياً على المعلم، لأنه يقوم بتحضير المادة الدراسية وتلقينها للأطفال، وهي تصلح في بعض المواد التي تتطلب الحفظ[25]، ولها عدة تعريفات منها ما يلي[26]:
- هي عرض المعلومات في عبارات متسلسلة، يسردها المعلم مرتبة مبوبة بأسلوب مشوق جذاب.
- هي طريقة يتولى فيها المدرس تهيئة المادة العلمية لإلقائها على طلبته ويدونون ما يرغبون تدوينه.
خطوات التدريس المباشر[27]
- التهيئة.
- العرض (باستخدام الوسائل).
- الممارسة المقيدة (الموجهة) – أنشطة مقيدة.
- الممارسة الحرة (المفتوحة) – أنشطة حرة.
- التقييم.
2- استراتيجية التعليم المدمج
تستند هذه الاستراتيجية إلى جعل التعليم ذا معنى بالنسبة للطلبة من خلال ربط المواقف التعليمية بحياة الطلبة الواقعية، وجعلهم يعيشون الخبرة التعليمية في مواقفها الحقيقة. وتتم هذه الاستراتيجية بتحديد موضوع دراسي يمكن من خلاله تقديم مواد دراسية مختلفة، كاختيار موضوعا مثل الماء، لتتم دراسته من خلال ربطه مع مواد دراسية أخرى مثل: الدين والماء. العلوم والماء. التاريخ والماء. الجغرافيا والماء. الفنون والماء. موضوعات وقصائد شعرية عن الماء….إلخ[28].
خطوات التعليم المدمج[29]
- اختيار المفهوم.
- تحديد المواد ذات العلاقة.
- تجهيز المعلومات اللازمة.
- تجهيز التمرينات والأنشطة.
- التنفيذ.
3- استراتيجية الاستقصاء
يقصد به أن يقوم الطالب ببذل جهد في الحصول على معلومات تفسر له المشكلة التي يواجهها[30]. وهو أيضاً ممارسة المتعلم لمهارات وعمليات عقلية وأدائية معاً في سياق انفعالي ويتم من خلالها إنتاج معلومات وتنظيمها وتقويمها بهدف تفسير موقف معين أو حل مشكلة علمية ما .ولطريقة الاستقصاء آثاراً إيجابية في عملية التعلم، فهي تعمل على تنمية التفكير العلمي لدى الطلبة، لأنها تسمح لهم بممارسة مهارات عمليات التعلم بأنفسهم، وتوفر لهم نمطية جديدة في التعلم، حيث يقومون بتنظيم المعرفة واستخلاص المبادئ بعد التوصل إلى المفاهيم المتضمنة في الموقف التعليمي، كما تساعدهم على استمرارية التعلم الذاتي، مما يساعد المتعلم على بناء ثقته واعتماده على نفسه، وشعوره بالإنجاز واحترامه لذاته، وزيادة مستوى طموحه، وتطوير اتجاهاته واهتماماته العلمية ومواهبه الإبداعية. ومن آثار طريقة الاستقصاء في عملية التعلم أيضا أنها تواجه الطلبة بمشكلة وتدعوهم ليمارسوا التفكير العلمي لحلها، ويختبرون فيها فرصة التفاعل مع الخبرات، وتوفر لهم الفرصة لطرح التساؤلات والمناقشات[31].
4- استراتيجية الحوار والمناقشة
تعد إحدى الطرق الشائعة التي تعزز التعلم النشط، وهو تعلم قائم على الأنشطة المختلفة التي يمارسها المتعلم، وتنتج عنها سلوكيات تعتمد على مشاركة المتعلم الفاعلة والإيجابية في الموقف التعليمي/ التعلم، فالمتعلم محور العملية التعليمية، وهي أفضل طرق المحاضرات المعدلة إذا كان الدرس يهدف إلى تذكر المعلومات لفترة أطول، وحث المتعلمين على مواصلة التعلم، وتطبيق المعارف المتعلمة في مواقف جديدة، وتنمية مهارات التفكير لدى المتعلمين، وهي مفيدة وذات جدوى في التدريس للمجاميع الصغيرة، وهنا يطرح المعلم أسئلة محورية تدور حول الأفكار الرئيسة للمادة المتعلمَة. وتتطلب طريقة الحوار والمناقشة أن يكون لدى المعلمين معارف ومهارات تتعلق بالطرق المناسبة لطرح الأسئلة وإدارة المناقشات، فضلا عن معرفة ومهارة تساعد على خلق بيئة مناقشة تشجع المتعلمين على طرح أفكارهم وتساؤلاتهم بطلاقة وشجاعة، وهي تستخدم كاستراتيجية مستقلة أو كجزء من معظم الاستراتيجيات التعليمية الأخرى[32].
والمبدأ الذي تقوم عليه المناقشة هو أن يشترك المعلم مع طلابه في طرح المادة التعليمية لمناقشتها، وبالتالي فهمها وتحليلها وتقويمها[33]. والمناقشة الجماعية من الطرق التي تغير الدوافع والاتجاهات لدى أفراد الجماعة، وعندما يرى المدرس اتباع مثل هذا الأسلوب فذلك يعني أن التلميذ في هذه الحالة يعتبر الغاية الأولى من التعليم وليس مادة الدرس[34].
5- استراتيجية حل المشكلات
هي طريقة منظمة يقوم من خلالها الطلبة بالتفكير بحل مشكلة يشعرون بوجودها وبحاجاتهم إلى حلها. فهم يكتسبون معلومات ومهارات ذات صلة بحياتهم ومشكلاتهم وليس من أجل الامتحان والنجاح فيه[35].
وتعتبر طريقة حل المشكلات نشاطا ذهنيا منظما، حيث تشجع التلميذ على التفكير الذي يمكنه من حل المشكلات عن طريق الشعور بالمشكلة الوثيقة الصلة بالتلميذ الذي يدرك أهميتها ومدى ارتباطها بالدرس ويجمع المعلومات المتصلة بها، ويفرض الفروض (الفرضيات) للحل، ويختار أنسبها وفق خطوات علمية من خلال ممارسة عدد من الأنشطة التعليمية. ويكتسب الطلاب من خلالها مجموعة من المعارف النظرية والمهارات العملية والاتجاهات المرغوب فيها، كما يكتسبون المهارات اللازمة للتفكير بأنواعه المختلفة وحل المشكلات. ويتميز التعلم القائم على حل المشكلات بأنه يفيد في تعزيز جوانب معينة من مهارات الابتكار. وتتضافر عمليتي الاستقصاء والاستكشاف وصولاً إلى الحل، حيث يمارس المتعلم كيفية الاستقصاء في جميع الحلول الممكنة ويكتشف العلاقات بين عناصر الحل[36].
6- استراتيجية التعلم بالاستكشاف
ويقصد بالاستكشاف عملیة تفكیر یعید فيها المتعلم بناء المعلومات السابقة بطريقة تمكنه من تكوین مفاهيم أو علاقات أو مبادئ جدیدة، وأن يصل التلميذ إلى المعلومات بنفسه، معتمداً على جهوده وعمله وتفكيره، ولذلك فهي من أهم الاستراتيجيات التي تنمى التفكير والاستقصاء، كما أنها استراتيجية قائمة على مجموعة من الأنشطة تساعد المتعلم على أن يتوصل إلى المعرفة بنفسه من جهة ويتعرف على أسلوب العلم وعملياته، ويكتسب مهارات البحث المتضمنة فيه – والاتجاهات العلمية من جهة أخرى.[37]
مستويات الاستكشاف
أ- الاستكشاف الموجه
وفيه يُزَوَّدُ المتعلمون بتعليمات تكفي لضمان حصولهم على خبرة قيمة، بحيث يضمن نجاحهم في استخدام قدراتهم العقلية لاكتشاف المفاهيم والمبادئ العلمية، ويشترط أن يدرك المتعلمون الغرض من كل خطوة من خطوات الاكتشاف، ويناسب هذا الأسلوب تلاميذ المرحلة الابتدائية.
ب- الاستكشاف شبه الموجه
وفيه يقدم المعلم المشكلة للمتعلمين ومعها بعض التوجيهات العامة، بحيث لا يقيدهم ولا يحرمهم من فرص النشاط العملي والعقلي، ويعطيهم بعض التوجيهات.
ج– الاستكشاف الحر
وهو أرقى أنواع الاكتشاف، ولا يجوز أن يخوض به المتعلمين إلا بعد أن يكونوا قد مارسوا النوعين السابقين، وفيه يُواجَهُ المتعلمون بمشكلة محددة، ثم يُطلب منهم الوصول إلى حل لها وتُترك لهم حرية صياغة الفروض وتصميم التجارب وتنفيذها[38].
7- استراتيجية التعليم المجازي (التشبيهات)
هي استراتيجية يستخدمها المعلمون للربط بين الخبرات السابقة للطلبة، والخبرات الجديدة. فالطلبة لديهم خبرات عن موضوعات عديدة، وعلينا استغلالها لتعريفهم بموضوعات جديدة، وبالتالي محاولة إيجاد علاقة بين موضوعين غير متشابهين، فمثلا تشبيه إشارة المرور بالباب، فالباب يفتح فيمر الناس، ويغلق فيتوقف الناس، والباب يفتح أحيانا، ويغلق أحيانا، وهو ضروري وإذا تعطل تحدث فوضى وسرقة والعديد من المشاكل، وبالمثل إشارة المرور تفتح فتمر السيارات، وتغلق فتتوقف، تفتح فترة وتغلق فترة وهي ضرورية فلا شوارع رئيسية بدون إشارات، فحين تتعطل تحدث فوضى. وتعتبر هذه الاستراتيجية من استراتيجيات تعلم التفكير النقدي والتعليم الإبداعي وهي تجعل التعليم ممتعا من خلال إثارة الطلبة للبحث عن تشبيهات وإيجاد علاقات جديدة، وتطوير معلوماتهم[39].
8- استراتيجية مشاركة الأقران (من طفل لطفل)
تعد هذه الاستراتيجية من الاستراتيجيات السهلة في التنفيذ، فكل ما يقوم به المعلم هو أن يطلب من الطلبة أن يتجه كل منهم نحو زميله ويشاركه في عمل ما، أو أن يقوم كل طالب بتدريس مادة معينة للآخر[40].
9- استراتيجية العصف الذهني
تعرف باستراتيجية استمطار الأفكار، وتعتمد على طرح موضوع ما أو مشكلة معينة على الطلاب، وإعلامهم بكل جوانبها والعوامل المؤثرة فيها، ثم يطلب منهم تقديم حلول فورية شفوية. وهي تعد من الاستراتيجيات الحديثة التي تشجع التفكير الإبداعي، وتطلق الطاقات الكامنة لدى المتعلمين في جو من الحرية والأمان، يسمح بظهور كل الآراء والأفكار، حيث يكون المتعلم في قمة التفاعل مع الموقف. وتصلح هذه الاستراتيجية في القضايا و الموضوعات المفتوحة التي ليس لها إجابة واحدة صحيحة، وهي تعتمد على مجموعة من المبادئ الأساسية منها: إرجاء التقييم- إطلاق حرية التفكير- الكم قبل الكيف- البناء على أفكار الآخرين- عدم إهمال أو تجاهل أية فكرة أو إجابة- لا توجد إجابة نموذجية[41].
مبادئ استراتيجية العصف الذهني[42]
10- استراتيجية التعليم البصري
يتعلم الطلبة ذوو الذكاءات البصرية من خلال الصور والمشاهد الحسية، وهناك أشكالاً متعددة من التعبير البصري منها[43]:
- الصور الشاعرية في القصائد.
- الرسوم التخطيطية.
- الملاحظات البصرية والمشاهدات في المختبرات العلمية.
فالإدراك البصري يبدأ بمشاهدة الصورة وتسجيلها في الدماغ والتعبير عنها بأشكال ووسائل متعددة مثل:
- الصورة الحسية.
- الوصف اللفظي.
- الرسم والأشكال التوضيحية.
- التمثيل البياني.
- الخرائط بأشكالها المعرفية والذهنية.
11- استراتيجية التدريس باستخدام الخرائط المعرفية
إن الخرائط المعرفية طريقة أخرى لتقديم معلومات منظمة أمام الطلبة تبرز الأفكار الرئيسة بشكل واضح، وتساعد على التمييز بين الأحداث ونتائجها، مما يجعل الطلاب أكثر اعتماداً على أنفسهم[44].
والخرائط المعرفية أداة تعبر عن الحقائق والمفاهيم والعلاقات في إطار منظم، وتساعد التلاميذ على ما يلي[45]:
- تقديم المعلومات (البيانات) الضمنية في صورة صريحة مباشرة محسوسة.
- توضيح العلاقات بين المعلومات وبين الحقائق والمفاهيم.
- توضيح العلاقة بين المعلومات الحديثة والخبرة السابقة.
- تخزين المعلومات واستعادتها.
أشكال الخرائط المعرفية[46]:
- خرائط توضح تسلسل المعلومات.
- خرائط الفكرة الرئيسة والأفكار المرتبطة بها.
- خرائط توضح الأسباب والنتائج.
- خرائط تقارن بين فكرتين، شخصين، حدثين…..الخ.
- خرائط توضح العلاقات بين الأجزاء.
12- استراتيجية التدريس باستخدام الخرائط الذهنية
الخريطة الذهنية تعني تنظيم الموضوع المقروء في صورة مرئية، تبين العلاقات بين الأفكار والمفاهيم والشخصيات الواردة في الموضوع، وبين المعرفة السابقة للقارئ، وتوضح علاقة الجزء بالكل، والأفكار الرئيسة بالتفاصيل الجزئية عن طريق رسم دوائر، أو مربعات، أو مستطيلات تحتوي على كلمات أساسية وأخرى فرعية، وترتبط مع بعضها بأسهم وخطوط توضح العلاقة بين ما يوجد في الدوائر والمربعات والمستطيلات[47].
الفرق بين الخرائط المعرفية والخرائط الذهنية[48]:
13- استراتيجية التدريس باستخدام الألعاب التعليمية
يعد استخدام الألعاب التعليمية من استراتيجيات التدريس المناسبة لأطفال المرحلة الابتدائية؛ نظراً لفوائدها العديدة في تحقيق أهداف نفسية وجسمية وتعليمية واجتماعية يرغب المربون في إكسابها للأطفال في جو يتسم بالمرح، وحب الاستطلاع والمشاركة، والتعاون والتنافس، و هو جو يؤدي إلى زيادة دافعية المتعلم نحو المواد التربوية التي تقدم بعض أنشطتها باستخدام تلك الاستراتيجيات، كما يتيح اللعب ولعب الأدوار للمعلم اكتشاف قدرات تلاميذه، وبالتالي العمل على تنميتها، مما يسهم في جعل الفصل الدراسي مكاناً تتم فيه العملية التربوية بيسر ومشاركة فعالة من التلاميذ[49].
و هذه أمثلة للألعاب التعليمية التي يمكن استخدامها:
- لعب الأدوار والفن المسرحي
تعريف لعب الأدوار
هي إحدى استراتيجيات التدريس التي تعتمد على محاكاة موقف واقعي، ويتقمص فيها كل متعلم من المشاركين في النشاط أحد الأدوار، ويتفاعل مع الآخرين في حدود علاقة دوره بأدوارهم، وقد يتقمص المتعلم دور شخص أو شيء آخر[50].
وقد أوضح شافتلز Shaftels أنه توجد تسع خطوات يتكون منها نشاط تمثيل الدور وهي[51]:
- تهيئة المجموعة.
- اختيار المشاركين.
- تهيئة المسرح أو المكان.
- إعداد المراقبين أو المشاهدين.
- التمثيل أو الأداء.
- المناقشة والتقويم.
- إعادة التمثيل.
- المناقشة والتقويم للأداء المعاد.
- مشاركة الخبرات والتعميم.
أهمية لعب الأدوار
يكتسب الطالب من خلال اللعب التمثيلي أنماطا مختلفة من القواعد والمعايير والأحكام السائدة في المجتمع[52].
كما يتعلم من لعب الأدوار ما يلي [53]:
- عرض مواقف محتملة الحدوث.
- سهولة استيعاب المادة التعليمية.
- زيادة الحساسية والوعي بمشاعر الآخرين وتقبلها.
كما توجد بعض النقاط التي تبرز أهمية لعب الأدوار ومنها[54]:
- يشجع روح التلقائية لدى المتعلمين.
- يساعد على تعرف أساليب التفكير لدى المتعلمين.
- يساعد المتعلمين على حسن التصرف في مواقف معينة.
- يزيد من اهتمام المتعلمين بموضوع الدراسة.
- ينمي لدى المتعلمين القدرة على إقناع الآخرين بالرأي.
- يساعد المتعلمين على فهم أفكار ومشاعر الآخرين.
- يساعد المتعلمين على تحقيق استقلالهم عن المواقف والخبرة التي يؤدونها.
عموما، يبقى من الصعب إرشاد الأطفال وتوعيتهم عن طريق اللافتات والتعليمات المباشرة، والمحاضرات الجافة عن مواضيع من قبيل: أهمية الحفاظ على البيئة، والمياه، وترشيد الاستهلاك، والحفاظ على الغلاف الحيوي، وغيرها من القضايا التي قد يصعب على الطفل استيعابها وفهمها، في حين يجب غرس كل هذه القيم والمبادئ في سلوك الطفل وتصرفاته دون أن يشعر، بمعنى ألا يكون هناك شكل تلقيني يفرض عليهم تعليمات وأوامر، وهنا تأتي أهمية توظيف الفن عموماً، والفن المسرحي على وجه الخصوص، في إرشاد الطفل وتوعيته وتوجيهه، ومن المعروف لدى علماء النفس، والتربويين، وغيرهم من المهتمين بالطفل أن الفن المسرحي من أهم الوسائل التعليمية والتربوية الفعالة التي تؤثر في الطفل، وتجذبه في ذات الوقت، ذلك لأنه يُعد فنّا مركبا يحتوى على عناصر فنية عديدة من القصة أو الحكاية، والتمثيل والديكور، والملابس والموسيقى والأغاني وغيرها من العناصر التي تجذب الطفل من ناحية، وتنمى قدراته العقلية والوجدانية من ناحية أخرى[55].
إن فعالية التلقي في المسرح التربوي تتطلب عدة مهارات فنية وتربوية وسيكولوجية وثقافية لإدراك خصوصية الطفل وبنائه المعرفي والنفسي ولكي تتفق رسالة المرسل مع قدرات المستقبل، فالطالب في الدراما التعليمية والمسرح التعليمي، هو مرسل ومستقبل للرسالة في الوقت نفسه أي لا توجد فاصلة بين الممثل والمتلقي لأنه جزء مشارك في العرض المسرحي أو الموقف الدرامي المرتجل، وبما أن الغاية من الفن المسرحي الموجه للطفل هي بناء شخصيته وتنمية قدراته الفكرية والخيالية وإمتاعه وتعليمه في آن واحد من خلال شمولية عناصره التعبيرية، فإن هذه الرسالة لا يمكن أن تتحقق ما لم نجد صداها عند الطفل الذي ينبغي أن ينظر إليه على أنه شريك رئيسي في صياغة التجربة المسرحية وإعادة إنتاجها[56].
- استخدام عناصر من التراث الشعبي
إن استخدام بعض عناصر التراث الشعبي والتي تحمل قيم خلقية وعادات وتقاليد مجتمعنا العربي يمكن أن تسهم في تنمية وعي الطفل وتنمية روح المسؤولية لديه تجاه بيئته. وتوجد فعلا العديد من القصص المستمدة من تراثنا الشعبي مثل قصص كليلة ودمنة، وقصص ألف ليلة وليلة الزاخرة بالقصص الرائعة عن الطيور والحيوانات، والتي تنمي القيم الأخلاقية نحو الطيور والطبيعة وضرورة المحافظة على بقاءها، و بأن تعيش في بيئة نظيفة، و تحث أيضا على ضرورة المحافظة على المياه نظيفة لصحة الطيور والحيوانات.
كما يمكن تقديم بعض الرقصات الشعبية المرتبطة بالبيئة المحيطة لتعريف الأطفال بالبيئة الزراعية والريف وجماله، والبيئة الصحراوية بطيورها وإيقاعاتها، وبعض الأغاني الموسيقية المرتبطة بها[57].وبالتالي فإنه من الممكن تعزيز العلاقة بين الأطفال والأرض والوطن والمعالم الحضارية المختلفة من خلال ممارسة الألعاب الشعبية والرقصات [58].
- استخدام الأنشطة الفنية والموسيقية
تتشابه أغاني وألعاب الأطفال التي يؤدونها بأنفسهم في كل مكان من العالم، من حيث الخصائص والسمات الموحدة في التركيب، والبناء، والتسلسل النغمي، فالأغنية بسيطة جدا وقصيرة وسهلة، تتواءم مع الإمكانيات الحركية والفكرية والفنية للطفل وحاجاته للعب والنشاط. والأغنية واللعبة تعدان من أبرز الأنشطة في مرحلة الطفولة الإنسانية ،يستغرق فيها الطفل بكل كيانه في براءة تمثل تلك المرحلة السنية الهامة والجميلة من أيام العمر، ومن النادر أن نجد أغنية واحدة يؤديها الأطفال بدون حركة تتمثل في لعبة، أو تمثيلية تناسب مداركهم، وخبراتهم البسيطة المحدودة، وقد تكون بعض الأغاني ساذجة لا تحمل مفهوماً عقلانياً، ولكنها قد تعبر عن البيئة وارتباط الطفل بالطبيعة، كما في النموذج التالي :
يا طالع الشجرة هتلي معاك بقرة
تحلب وتسقيني بالملعقة الصيني…إلخ
ومثل :
طيري يا عصفورة طيري في وسط البستان
حول الورد بين الزهر طيري في اطمئنان…إلخ
ومثل :
حطه يا بطة يا دقن القطة
عم حسن زرع بصل… إلخ
وبعض الأغاني الشعبية الشائعة الأخرى عن الطيور مثل :
يالا حالا بالا بالا نحيي أبو الفصاد
حيكون عيد ميلاده الليلة أجمل الأعياد[59].
الوظائف التربوية والجمالية والوجدانية لألعاب الرقص والغناء[60]
- تنمية الذوق الحسي الموسيقي لدى الأطفال.
- تنمية المواهب لدى الأطفال في الغناء والرقص.
- التعرف على أسماء الأعياد الوطنية والدينية وتوقيتها والتقاليد التي تترافق معها من تزاور وتعاضد ورحمة.
- إضفاء المزيد من الحيوية والإثارة بحيث تشد انتباه الطفل وتجذبه.
- التقليل من الملل والضجر الذي يمكن أن يعاني منه الأطفال في الفصول الدراسية.
- الإسهام في تحقيق التناسق الحركي لدى الطفل وإكسابه الخفة والرشاقة.
وفي دراسة هدفت إلى معرفة دور الأنشطة التربوية في رياض الأطفال كمرتكز لتنمية السلوك القيادي للطفل في مؤسسة الخرطوم، في برنامج تم تنفيذه في العام 2008- 2009، وبلغ عدد الأطفال الذين استفادوا من هذه الأنشطة التربوية 1600 طفل داخل ولاية الخرطوم، و اشتملت العينة على تحليل استجابة اتجاهات المعلمات نحو الأنشطة التربوية والبالغ عددهم 74 معلمة تم أخذ 40 منهم، كعينة عشوائية بسيطة.
بدأ البرنامج بتنفيذ الأنشطة التربوية تحت مسمى (منتديات تربوية) لتنمية مرتكزات السلوك القيادي للطفل، وتوصلت نتائج الدراسة إلى وجود تفاوتٍ في مستوى الأداء للمنتديات التربوية للطفل عند قياس مخرجات المنتديات التربوية، إذ تبين أن منتدى الموسيقي والمسرح، ومنتدى التراث الشعبي أكثر المنتديات جاذبية للأطفال، وقدرة على اكتشاف القدرات والإبداع عند الأطفال، وكذلك منتدى جماليات البيئة، وإلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية في دور الأنشطة التربوية في تنمية السلوك القيادي من وجهة نظر المعلمات، وكذا فروق في الاستفادة من المنتديات التربوية يُعزى لكفاءة المعلمة (الخبرة والتدريب)[61].
- استخدام الأسلوب القصصي
تعتبر القصة من أفضل الطرق المشوقة والجاذبة لانتباه المتعلمين، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يقص على أصحابه قصص السابقين للعظة والعبرة، وتلك القصص كانت قصصاً تتميز بالواقعية والصدق، لأنها تهدف إلى تربية النفوس وتهذيبها، وليس لمجرد التسلية والإمتاع، ويتميز الأسلوب القصصي بتسهيل عملية نقل المعلومات التي يُراد إيصالها والتوصل إليها، وكذلك المحتوى الدراسي إلى المتلقي أو الدارس بيسر[62]. وتتألف بنية القصة من ثلاثة عناصر هي[63]:
- مقدمة قصيرة، واضحة ودقيقة.
- عقدة تشكل ذروة القصة.
- خاتمة تقدم حلا للعقدة.
-كيفية تدريس القصة في مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية
تدريس القصة يمر بخمس خطوات رئيسية، وللمعلم حرية اختيار الطريقة التي ينفذ بها كل خطوة من الخطوات وهي[64]:
- التمهيد: ويعني استثارة انتباه التلاميذ نحو موضوع القصة، وتهيئتهم نفسيا وذهنيا لتقبل القصة، وذلك من خلال عرض بعض صور شخصيات القصة وسؤال التلاميذ عنها وعن أنواعها وأشكالها وصفاتها، أو طرح بعض الأسئلة التي تركز على بعض القيم والفضائل التي تحتويها القصة أو حول بعض شخصياتها وصفاتها.
- عرض القصة: وهو العنصر الرئيسي الجاذب للأطفال، والذي يؤدي إلى إحداث الأثر المطلوب فيهم.
- مناقشة القصة وتحليلها: وهي مناقشة هامة مع الأطفال لأنها تثبت تفاعلهم مع أحداث القصة، ويتضمن ذلك:
- مناقشة أحداث القصة وشخصياتها وزمانها ومكانها والعقدة والحل وكل ما يتصل بالأحداث.
- مناقشة الأساليب الجميلة التي وردت في القصة، وكذلك المفردات الجديدة ومعانيها ووضعها في جمل مختلفة.
- مناقشة الجمل والسلوكيات التي تتضمنها القصة، وبث القيم المرغوب فيها في نفوس التلاميذ عن طريق الإشادة بها.
- مناقشة القيم الضارة والسلوكيات غير المرغوب فيها وحث الأطفال على الابتعاد عنها.
- بناء الاتجاهات المراد تكوينها عند الأطفال مثل حب الوطن وحب الجمال والدفاع عن النفس والمجتمع وحب القراءة وحب الاطلاع والتعاون وغير ذلك من الاتجاهات.
- مناقشة الحقائق العلمية والمعلومات العامة المتضمنة في القصة التي توسع من مدارك الأطفال وتمدهم بالثقافة العامة حول البيئة المحيطة بهم وحول العالم أجمع.
- مناقشة السلوكيات والعادات الصحية السليمة التي تتضمنها القصة، وترغيب الأطفال في التمسك بها.
- ربط القصة بحياة التلاميذ: وذلك عن طريق ربط أحداث القصة وما تتضمنه من سلوكيات وعادات وقيم بحياة التلاميذ، مثل: التغلب على القوة العضلية، والوقوف بجانب الضعيف ومساعدته، وطاعة الوالدين وضرب الأمثلة من حياتهم الواقعية، والاستدلال من القرآن الكريم والسنة النبوية ببعض الأحاديث الشريفة التي تتمشى مع أحداث القصة.
- التقويم: ويكون بإلقاء الأسئلة على التلاميذ للتأكد من تحقيق الأهداف التربوية للقصة مثل تكليفهم بتلخيص القصة شفوياً أو كتابة ملخص لها، وكتابة بعض المفردات ومعانيها، وسؤالهم عن القيم المتضمنة بالقصة والمعلومات العامة المستفادة.
ويمكن للمعلم إلقاء القصة مباشرة على التلاميذ، أو عرضها عليهم من خلال عرض تقديمي على جهاز الحاسب الآلي عن طريق جهاز العرض Data Show أو غير ذلك من الوسائل التعليمية الأخرى، أو من خلال تلميذ أو أكثر يقوم بسردها على باقي التلاميذ، كما يمكن تقسيمها إلى مشاهد وعرضها من خلال لعب الأدوار باختيار مجموعة من التلاميذ المحبين لتمثيل الأدوار، و يمكن أيضا وضعها في مجلة تعليمية وتضمين أسئلة تقويم القصة بعدها، كما يمكن استخدام هذه الطرق جميعها أو الجمع بين أكثر من طريقة وذلك حسب موضوع القصة والهدف منها والطريقة الأكثر فاعلية لها في العرض.
أهمية استخدام الأسلوب القصصي:
تعتبر القصة من الوسائل التعليمية المحببة للأطفال في الأعمار المختلفة، وللأسلوب القصصي أهمية كبرى في العملية التعليمية بصفة عامة، كما أنها عنصر جاذب للأطفال في البرنامج الإرشادي بصفة خاصة وذلك للأسباب التالية[65]:
- وسيلة فاعلة لنقل المعرفة في مختلف العلوم الإنسانية.
- وسيلة لغاية عظيمة، وهي تدريب الطلبة على التفكير في مجريات القصص ومن ثم العمل على إدارة نقاشات وحوارات بين المعلم والطلبة من جهة، والطلبة أنفسهم من جهة أخرى، بحيث يُبينون فيها المغالطات ويظهرون مجادلاتهم لأحداث وردت فيما استمعوا له.
- استراتيجية مناسبة لتطوير الذكاء اللغوي.
والأسلوب القصصي يساعد على[66]:
- توظيف الحواس لدى الطلبة وعلى وجه الخصوص السمع والبصر وحركات عضلات الوجه خلال عملية السرد، وبالتالي يُسهل مفهوم التعليم والتعلم معاً وإيجاد ثوابت بين ما سمعه وما سيكتسبه، ومن ثم بقاء أثر التعليم عن طريق المعلم.
- تحسين قدرات ومهارات التلاميذ، وزيادة استيعابهم للمعلومات والاتجاهات المراد اكتسابها، وهو عملية مشوقة وجذابة تبقي أثر التعلم.
- يتيح فرصة كبيرة لإبداع المتعلم، وزيادة مساحة خياله في التحليل والتفسير لوقائع السرد القصصي.
- يحد من الملل الذي يصيب التلاميذ إذا ما تعارضت أنماط تعلمهم مع نمط المعلم في التدريس.
- الأسلوب القصصي يساعد في تقديم الخبرات التربوية وفي تنمية القيم والفضائل وتربية الانفعال والعواطف الوجدانية [67].
هـ- لا توجد استراتيجية تدريس مثلى
إن اختيار طريقة تدريسية تكون ملائمة لكل المرامي التعليمية ولكل الطلبة ويمكن استخدامها تحت أي ظرف من الظروف أمر غير ممكن، حيث لا يمكن للمعلم أن يحدد طريقة بعينها لتدريس مادة معينة ويقول أنها أفضل طريقة للتدريس،وإنما لكل موقف تعليمي ظروفه الخاصة التي تحكمه وتؤثر فيه، فمن الخطأ القول بأن هناك طريقة أفضل من الأخرى، ومهمة كل مدرس أن يكون لنفسه أسلوبه الخاص في التعليم، وذلك بتكييف طرق التدريس الأساسية، والجمع بينها كي تلائم الظروف المختلفة التي قد تواجهه[68].
و إضافة لما سبق فإن الموضوع الذي يقوم المعلم بتدريسه، يختلف استراتيجية عرضه باختلاف التلاميذ، والإمكانات المتاحة في المدرسة، وقدرات المعلم نفسه، ولذلك فالمعلم الناجح عليه أن يبحث عن الاستراتيجية أو الاستراتيجيات التي تلائم كل موضوع على حدى أثناء مرحلة تخطيط البرنامج، وبعد تنفيذ كل حصة عليه أيضا أن يقيم كل استراتيجية بمفردها للوقوف على مدى فاعليتها وجودتها، ومعرفة جوانب القوة لتدعيمها وجوانب الضعف لتقويمها في الحصص القادمة.
و- خصائص الاستراتيجية التعليمية الجيدة
نظرا لعدم وجود استراتيجية تدريس مثلى، فإنه يمكن التحقق من جودة الاستراتيجية لتدريس الموقف التعليمي من خلال المعايير التالية[69]:
– أن تكون شاملة ، بمعنى أن تتضمن كل المواقف والاحتمالات المتوقعة.
– أن ترتبط ارتباطاً واضحاً بالأهداف التربوية والاجتماعية والاقتصادية.
– أن تكون طويلة المدى بحيث تتوقع النتائج وتبعات كل نتيجة.
– أن تتسم بالمرونة والقابلية للتطوير.
– أن تكون عالية الكفاءة من حيث مقارنة ما تحتاجه من إمكانات عند التنفيذ مع ما تنتجه من مخرجات تعليمية.
– أن تكون جاذبة وتحقق المتعة للمتعلم أثناء عملية التعلم.
– أن توفر مشاركة إيجابية من المتعلم، وشراكة فعالة بين المتعلمين.
ومن ثم وانطلاقا مما سبق فلابد لتكامل العملية التعليمية من سلامة المنهج وتوفر معلمين أكفاء قادرين على تطبيق مختلف طرق التدريس وتنويع الوسائل التعليمية المستخدمة لتحقيق الأهداف التربوية المرجوة.