اخبار التعليم
النظرية المعرفية والتعلم بالاكتشاف
في الوقت الذي كانت فيه المدرسة السلوكية متصدرة للمشهد التربوي، ظهرت العديد من الانتقادات لهذه المدرسة التي تتجاهل العمليات العقلية المعقدة كالفهم والتفسير والتحليل, وتكتفي بالتركيز على السلوك والاستجابات التي يقدمها المتعلم تجاه المثيرات الخارجية. من هنا أتت محاولات علماء النفس لسبر أغوار العقل البشري ودراسة العمليات العقلية وتوظيفها في ميدان التعليم لتحقيق المزيد من التعلم. وقد أسفر ذلك عن ظهور المدرسة المعرفية، التي يمكن أن نلخص أهم ملامحها بأنها منحى تعليمي يُعنى بالعمليات العقلية وتوظيفها لأجل عملية تعلم نشطة يكون دور المتعلم فيها مكتشف، محلل، ومنظم للمعارف.
وظهرت المدرسة المعرفية نتيجة لتظافر جهود عدد من علماء النفس الذين انصب اهتمامهم على سيكولوجية التعلم وعمليات التفكير، وعلى رأسهم ماكس فرتهيمر، وكيرت كوفكا.
وانبثقت تحت مظلة المدرسة المعرفية عدد من النظريات المعرفية التي أثبتت فائدتها في حقل التعليم وتأثيرها الإيجابي على عمليات التعلم، مثل نظرية التعلم بالاكتشاف والتي وضعها عالم النفس الأمريكي جيروم برونر، نظرية التعلم ذو المعنى لديفيد أوزبل، ونظرية معالجة المعلومات التي تزامنت مع ظهور الحاسب.
وقد ساهمت المدرسة المعرفية في تغيير أدوار المعلم والمتعلم على حد سواء؛ فتحول دور المعلم من ملقن للمعارف إلى مُعد و منظم للخبرات التي ينبغي أن يمر بها الطالب داخل بيئة الصف من أجل ضمان حدوث التعلم، و بذلك أصبح المتعلم إيجابياً نشطاً، يتحسس المشكلات ويكتشف الحلول ويعيد توظيف ما يتوصل إليه في مواقف جديدة.
وهنا نستعرض تصميم درس من مقرر العلوم -للصف الأول المتوسط- على ضوء نظرية التعلم بالاكتشاف لبرونر.
الوحدة الثانية: الحركة والقوى والآلات البسيطة.
الدرس الثاني: قوانين نيوتن للحركة.
الهدف: تقصي تأثير الكتلة على القصور الذاتي.
1- التخطيط:
- يحدد المعلم موضوع التعلم الذي سوف يتقصى التلاميذ حوله.
- يعد أنشطة التدريس والتقويم الملائمة للموضوع.
- يجهز المعلم الأدوات اللازمة لتقصي القصور الذاتي: (علبتان فارغتان– رمل– خيوط ).
- يحضر المعلم عدد من الأسئلة السابرة التي شأنها أن تثير المستويات العليا من التفكير.
- يعد أدوات التقويم الملائمة التي تتيح للمتعلم توظيف ما تعلمه في مواقف جديدة.
2- التدريس:
– يعرض المعلم الهدف من الدرس وهو معرفة تأثير الكتلة على القصور الذاتي ويناقش التلاميذ حول مفهوم القصور الذاتي ليستدعي معلوماتهم السابقة حوله.
– يوزع التلاميذ في مهام للعمل ويعطي كل مجموعة الأدوات التي تحتاجها للقيام بهذا التقصي.
– يثير المعلم انتباه التلاميذ من خلال طرح بعض التساؤلات مثل:
ما العوامل التي تتأثر بها عربة التسوق عند دفعها؟ ولم يصعب توجيه العربة عند امتلائها بالمشتريات؟ ثم يوجههم إلى استخدام الأدوات التي أمامهم في هذا التقصي.
– يبدأ المعلم بالتجول بين المجموعات في أثناء عملهم، ويطرح عليهم الأسئلة مثل:
ماذا لو تغيرت أطوال الخيوط هل تتأثر الحركة؟ ماذا لو استبدلنا الرمل بمادة أخرى؟ ماذا لو قمتم بهذه التجربة على سطح القمر فهل ستكون ذات النتائج أو تتغير؟
و في تلك الأثناء تكون مجموعات العمل منهمكة في التقصي بحيث تعلق العلب الفارغة بالخيوط وتبدأ دراسة أثر عامل الكتلة على القصور الذاتي؛ من خلال ملء إحدى العلب بالرمل بينما تظل الأخرى فارغة أو تملئ العلبتان بنسب متفاوتة من الرمل، وتجرب المجموعات دفع هذه العلب بقوى متساوية وتلاحظ سرعتها بعد الدفع، الى أن تتوصل المجموعات إلى أن العلب الممتلئة تقاوم الدفع وتتحرك بصعوبة أي أن قصورها الذاتي كبير وبذلك تصل الى العلاقة الطردية بين الكتلة وقصور الجسم عن الحركة.
3-التقويم:
يوجه المعلم التلاميذ إلى تنظيم ما توصلوا إليه ومن ثم يعرض التلاميذ ما توصلوا إليه أمام زملائهم ويتم تقويمهم من قبل زملائهم ومعلمهم.
في مرحلة التقويم يطلب المعلم من التلاميذ إعداد ملصق تعليمي يوضح أهمية ربط حزام الأمان في السيارة في ضوء ما تعلموه عن القصور الذاتي.
يطلب من التلاميذ عرض ملصقاتهم أمام زملائهم ويقدم لهم التغذية الراجعة وفرص التحسين الممكنة.
ملخص تخطيط درس تطبيقي وفق نظرية التعلم بالاكتشاف