قالت مستشارة تربوية إنها واجهت، أخيراً، حوادث متكررة، تكشف عن صورة جديدة من صور التنمر، موضحة أن هناك آباء طلاب أحالوا وسائل التواصل الاجتماعي ساحة للدفاع عن أبنائهم الذين تعرضوا لمشكلات مع أقران لهم داخل الفصول الدراسية
وشرحت أن هؤلاء الآباء توصلوا إلى أرقام هواتف خصوم أبنائهم، وخاطبوهم مباشرة، لتعنيفهم، وتحذيرهم من التعرض لأطفالهم مجدداً، متجاهلين الطرق التقليدية، المتمثلة في تقديم شكوى إلى الإدارة المدرسية، وانتظار إجراء تحقيق، للتعرف إلى تفاصيل الخلاف، بهدف الوصول إلى صلب المشكلة وعلاجها.
واتجه آباء إلى برامج التواصل الاجتماعي مثل «واتس أب» أو إلى الاتصال المباشر، تحت ذريعة حل النزاع الحاصل مع أبنائهم، من دون مراعاة للأسس العلمية التي تتناسب مع مراحل نمو الطلبة وفهم تطورهم العقلي والاجتماعي.
وأكدت المستشارة التربوية مدربة التنمية البشرية، موزة الزيودي، أن التدخل المباشر لحل المشكلات التي تواجه الأبناء داخل الفصول، عبر الاتصال الهاتفي بالطالب، أو محادثته على وسائل التواصل الاجتماعي، يعد تعنيفاً وتنمراً، لأن الآباء يوجهون انتقادات حادة، أو تهديدات، لأقران أبنائهم، لحملهم على عدم التعرض لأبنائهم داخل الفصول الدراسية.
وقالت: إن «الطلبة الذين يمارس عليهم التعنيف من الآباء يعدون فاقدين للحماية من الهيئات التعليمية، ما يعرّضهم لضغط نفسي قد يكون سبباً في تراجع تحصيلهم الدراسي وصحتهم النفسية».
وأفادت المستشارة التربوية، الدكتورة بدرية الظنحاني، بأنها تلقت استشارات عدة، حول تعرض طلبة لتعنيف إلكتروني من أولياء أمور أقران لهم في الفصول الدراسية.
وعزت لجوء آباء إلى هذه الطريقة لسهولة الوصول إلى الطالب مباشرة، عبر برامج التواصل الاجتماعي، محذرة من أن هذا السلوك «يشكل تحدياً تربوياً فعلياً، قد تكون له آثاره النفسية على الطلبة، خصوصاً في مراحل الإعدادية والثانوية»، مشيرة إلى ضرورة أن يكون تدخل الآباء في مشكلات أبنائهم في المدرسة متوازناً ومدروساً.
وأكدت ضرورة الاستعانة بإدارة المدرسة والجهات المسؤولة عن الطلبة في مثل هذه الحالات، للتوصل إلى الحلول المُثلى، إضافة إلى ضرورة توعية الآباء بأهمية الحوار، واحتواء أبنائهم وإعطائهم الثقة الكافية للإفصاح عن أي عنف يمارس ضدهم.
وقالت: إن «الطلبة الذين يمارس عليهم التعنيف من قبل آباء أقرانهم في الفصول الدراسية، يتعرضون لتحديات تتمثل في الخوف من ردود فعل آبائهم، وتبعات الكشف عن التعنيف الذي يتعرضون له، حيث يتوقعون ردود فعل قاسية أو غير مفهومة قد تجعل الوضع أكثر تعقيداً. كما يعزز غياب الحوار بين الطلاب وأولياء أمورهم عدم القدرة على التعبير عن مشاكلهم بشكل فعّال، ما يزيد من عدم فهم الآباء لوضع أبنائهم».
وتابعت أن بعض الطلاب الذين يتعرضون للتعنيف المتكرر، يُبدون سلوكيات تصعيدية، كرد فعل على ما يتعرضون له. وقد يتحولون من ضحايا إلى أشخاص عنيفين، يتخذون قرارات متهورة، لحماية أنفسهم أو الانتقام، بسبب الضغط النفسي الذي يتعرضون له، مستشهدة بطالب تعرض لتعنيف من والد زميل له في الفصل، ظل يوجه له تهديدات حتى انتقم الطالب لنفسه من خلال الاستعانة برفاق له، وتعمد تخريب ممتلكات عائدة لوالد زميله الذي عنفه.
وذكرت أن جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية أطلقت مبادرة، بالتعاون مع مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، تستهدف بها الطلبة والطالبات في المرحلة الثانوية وأولياء أمورهم عبر تنظيم سلسلة من المحاضرات واللقاءات التوعوية التثقيفية تقام في مدارس إمارة الفجيرة، التابعة للمؤسسة التعليمية، تحت شعار «نتحاور لنصل إلى جيل صحي وأسرة متماسكة».
وأكدت أهمية دور الأسرة في احتواء الأبناء ووقايتهم من السلوكيات السلبية، إضافة إلى إشراك الآباء والأبناء في حوار إيجابي، يعزز ثقة الأبناء بأنفسهم من خلال منحهم مساحة للتعبير عن آرائهم بحرية، كما يطور مهارة الإصغاء والاستماع لديهم.
إلى ذلك، أفادت المستشارة القانونية المحامية، موزة مسعود، بأن آباء الطلبة الذين يتجاهلون الإجراءات التقليدية عند تعرض أبنائهم للعنف اللفظي أو الجسدي أو النفسي خلال وجودهم داخل الصفوف، ويبادرون إلى تهديد زملائهم بشكل مباشر، أي وجهاً لوجه، أو عن طريق إرسال رسائل صوتية عبر برامج التواصل الاجتماعي الخاصة بالطلبة، يتحولون من أصحاب حق إلى متهمين، يعاقبهم القانون بعقوبات مشددة، لأن المجني عليه قاصر.
وأضافت أن المعلومة في الأغلب تكون ناقصة لدى ولي الأمر الذي يتجاوز الإدارة المدرسية، ويتجه إلى الطالب الذي عنف ابنه أو تنمر عليه، الأمر الذي ستكون له آثار نفسية ومشكلات مستقبلية على الطالب الذي تعرض لهذا النوع من التعنيف، مؤكدة أن المشكلة تتحول من بسيطة إلى معقدة، نظراً لاتباع أساليب خطأ، بدلاً من التوجه إلى إدارة المدرسة واستدعاء الأخصائي الاجتماعي أو موظف شؤون الطلبة، وبحث المشكلة لإيجاد حلول علمية ومدروسة.
وأكدت أهمية دور الأسرة في بناء جيل صحي من خلال تعزيز الحوار الإيجابي، وتطوير مهارات الاستماع.
كما شددت على ضرورة اشتراك الآباء والأبناء في الحوار، لتعزيز التواصل وحماية الأبناء من السلوكيات السلبية، وتنمية ثقتهم بأنفسهم.
• «الطلبة الذين يمارس عليهم التعنيف من آباء أقرانهم يعدون فاقدين للحماية من الهيئات التعليمية».
المصدر : الامارات اليوم