التعليم عن بعد
ظاهرة العنف المدرسي أسبابها و أنواعها (تونس نموذجا)
1- تعريف العنف المدرسي:
سلوك أو فعل يصدر عن طرف قد يكون فردا أو جماعة يحدث أضرارا جسدية أو معنوية ونفسية ويكون باللسان أو بالجسد أو بواسطة أداة. والعنف دليل عدم اتزان، سواء نتج عن الإثارة أو الاستفزاز أو التسرع أو ضعف قوة الحجة… وهو رد فعل غير سوي له عواقب جسدية ونفسية شديدة على المعنَّفِ…
وسواء نظرنا إليه كنمط من أنماط السلوك أو كظاهرة اجتماعية فهو فعل وآفة تستحق التحليل والعلاج .
و العنف المدرسي مظهر من مظاهر العنف وصورة من صوره المتعددة، وهو عبارة عن ممارسات نفسية أو بدنية أو مادية يمارسها أحد أطراف المنظومة التربوية وتؤدي إلى إلحاق الضرر بالمتعلم،أو بالمعلم أو بالمدرسة ذاتها.
وإذا شئنا التدقيق أكثر، يمكننا تعريف العنف المدرسي بكونه: ” مجموع السلوكيات العدائية غير المقبولة اجتماعيا والتي من شأنها أن تؤثر سلبا على النظام العام للمدرسة سواء مورست داخل حرم المؤسسة التربوية أو خارجه “.
2- تقرير للمرصد الوطني للعنف المدرسي:
كشف تقرير للمرصد الوطني للعنف المدرسي صادر بتاريخ 05 ديسمبر 2014 حول مؤشرات العنف داخل وفي محيط المؤسسات التربوية، عن تصدر ولاية تونس الكبرى قائمة حوادث العنف خلال الفترة الممتدة ما بين سبتمبر و نوفمبر 2014. و اعتمد المرصد على رصد وتحليل التقارير الإخبارية والمقالات الصادرة عن الصحف الوطنية طوال الفترة المذكورة، مع ما تنشره صفحات التواصل الاجتماعي من أخبار و بناء على المراصد الجهوية و المحلية المنتصبة في أنحاء الجمهورية.
وقدم التقرير صورة توضيحية بالأرقام والإحصائيات عن أصناف وأسباب ومستويات خطورة العنف والأطراف الفاعلة فيه، وكذا التوزيع الكمي للحالات المرصودة خلال كل شهر من أشهر الدراسة، والتوزيع الجغرافي حسب الوسطين الحضري والقروي وحسب الجهات، بالإضافة إلى العنف الممارس ضد مرافق المؤسسات التربوية وتجهيزاتها والحملات التحسيسية لمحاربته.
وكشفت التقرير أن:
– حالات العنف داخل المدرسة التونسية بلغت 52 بالمائة في حين بلغت في محيطها 48 بالمائة، كما لفتت المؤشرات الانتباه إلى التفاوت الواضح إحصائيا في حالات العنف المسجلة بكل من المجالين الحضري والقروي، حيث تم تسجيل 77 بالمائة من حالات العنف بالمجال الحضري مقابل 23 بالمائة في المجال القروي، مما يوحي بأن العنف المدرسي حالة حضرية بامتياز، مع وجود هامش ومجال للاستثناء، إلا أن حالات العنف المدرسي في المدن أكثر من حيث العدد، وذلك لدواعي مرتبطة بالبيئة الاجتماعية وبمحددات أخرى كالبنية الديموغرافية ودرجة كثافتها، والظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
من جهة أخرى:
– تصدرت ولاية تونس الكبرى أعلى الترتيب من حيث حالات العنف المسجلة وصلت إلى 14 بالمائة، تلتها جهة سوسة بنسبة 11 بالمائة، و جهة صفاقس بنسبة 10 بالمائة. فيما حافظت بعض الجهات الغربية للبلاد كسيدي بوزيد و القصرين على نفس النسب مع تدَنّ ملحوظ في حالات العنف المادي.
كما سجل التقرير أن:
– العنف المقترف من قبل التلاميذ ضد المربين يأتـي في مقدمة الحوادث مقارنة مع العنف بين التلاميذ.
و تصدر عن الأطراف الفاعلة للعنف في الوسط المدرسي أنواع لا حصر لها من الأفعال والسلوكات التي تدخل في خانة العنف بما هو إلحاق متعمد للأذى النفسي أو الرمزي أو المادي بالآخر، وبما هو إيقاع مقصود للضرر عبر التخريب أو الإتلاف أو العبث بالمؤسسة التربوية ومرافقها ومحتوياتها.
ويبرز سلم الترتيب المبني على التصنيف من حيث نوع الفعل العنفي المقترف من خلال:
– تكرار حالات العنف الجسدي – الضرب أو الجرح – إذ وصل إلى 403 حالة خلال الشهرين الماضيين من السنة الدراسية ب 58 بالمائة.
– السرقة 25 حالة بنسبة 18 بالمئة.
– والتحرش الجنسي 20 حالة بنسبة 15 بالمائة.
– والعنف اللفظي بـ 140 حالة.
و قد وضح التقرير جملة من الإحصائيات الهامة الخاصة بظاهرة العنف المدرسي و التي تتلخص فيما يلي:
بين التقرير من خلال عمليات البحث الميداني الاستقصائي التي أجريت على 2500 تلميذ و 1400 إطار تربوي من مختلف الأسلاك، أن من 1 الى 5 بالمائة من المربين و من 9 إلى 13 بالمائة من التلاميذ يتغيبون عن المدرسة خوفا من العنف الذي قد يحدث داخلها أو قد حدث و بقيت آثاره مستمرة في الحاضر أو المستقبل.
– عدد القضايا المرفوعة لدى السلط القضائية في إطار تطبيق الفصل التاسع من قانون الوظيفة العمومية و المصرح بها بلغ 45 قضية.
هذا و يواصل المرصد الوطني تطوير وسائله البحثية و الاستقصائية من أجل تحيين قاعدة البيانات و تجويد آليات عمله.
3- الأسباب المؤدية إلى العنف المدرسي :
الأسرة:
-تقلص دور الأسرة التأطيري في ظل عمل الأبوين والالتجاء إلى المحاضن.
-التفكك الأسري الناجم عن الطلاق.
-عدم إشباع الأسرة لحاجيات أبنائها نتيجة تدني مستواها الاقتصادي.
المجتمع:
-الفقر والحرمان في بعض الجهات والأحياء.
-جذور المجتمع المبني على السلطة الأبوية ما زالت مسيطرة، فنرى على سبيل المثال أن استخدام العنف من قبل الأب أو المدرس هو أمر مباح ويعتبر في إطار المعايير الاجتماعية السليمة، وحسب النظرية النفسية-الاجتماعية، فإن الإنسان يكون عنيفاً عندما يتواجد في مجتمع يعتبر العنف سلوكاً ممكناً مسموحاً ومتفقاً عليه.
-النظرة التقليدية القائمة على تمجيد التلميذ الناجح والتقليل من شأن التلميذ الفاشل دراسيا… هذه المقارنة التحقيرية والدونية تولد سلوكا عنيفا و إحباطا.
-مناخ اجتماعي يتسم بغياب العدالة الاجتماعية.
-عدم وضوح الرؤية للمستقبل.
-كثرة البطالة و خاصة بطالة أصحاب الشواهد وانسداد الأفق.
– غياب السياسات الاجتماعية الناجعة في الجهات والأحياء المهمشةو كذلك التخطيط الفعال.
-عدم وجود سياسات منظمة لأوقات الفراغ و طرح الأنشطة الترفيهية البديلة.
-ضعف وسائل الإرشاد والتوجيه الاجتماعي.
فالمستوى السوسيو-اقتصادي لبعض الأسر الفقيرة يجعل التلميذ يشعر بالنقص والحرمان بين أقرانه، وهذا يدفعه إلى الإحساس بالكراهية والحقد تجاه الآخر الذي هو أحسن منه حالا، ويولد تصرفات غريبة تسوقه إلى اقتراف بعض الممارسات العنيفة.
الثقافة:
-عزوف الشباب عن دور الثقافة والشباب و نوادي الأطفال لغياب البرمجة الثرية والتجهيزات العصرية.
كما يجب الإقرار بدور وسائل الإعلام و الاتصال، لما لها من تأثير في تهذيب السلوك والبرمجة الهادفة وذلك بالتوفيق بين التسلية والتهذيب والإفادة والابتعاد عن تبليد الذوق وتمييعه.
– تسويق تجارة العنف في بعض الأعمال الدرامية والألعاب الترفيهية وفي الحوارات السياسية …
المدرسة:
-قلة التنشيط الثقافي و الرياضي.
-عدم توافر الأنشطة المتعددة والتي تشبع مختلف الهوايات والميولات.
-ضعف المقررات والمضامين والمحتويات الدراسية وعدم مسايرتها للتطورات المتسارعة التي تعرفها تكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة، فاعتماد بعض الأساليب التلقينية التقليدية التي مازالت تعرفها المدرسة و التي لها دور سلبي على تكوين وتربية هذا الجيل يولد بدوره ممارسات لا أخلاقية تتسم بالعنف.
-اعتماد بعض المواد على الإلقاء وغياب الديناميكية والتي يلجأ فيها التلميذ إلى التشويش.
– طرق التقويم المتبعة والتي ترجح التقييم الاختباري عبر المواد وتهمل التعديل السلوكي والتركيز على جوانب الضعف عند الطالب والإكثار من انتقاده.
– تغير مفهوم النجاح: النجاح في الدراسة لم يعد وسيلة للنجاح في الحياة.
-كثرة التغيب عن الدروس.
-غياب الحصص الحوارية وكثافة حصص الإفهام.
-اختلال التوازن بين التعليم والتربية.
– زوال القدوة التعليمية : المتغيرات الاقتصادية التي يواجهها كل من الطالب والمدرس، وانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية التي أفقدت المعلم هيبته وأصبح أداة في يد الطالب وولي الأمر، ما أثر على صورته لدى الطالب و أدى إلى انهيار نموذجه كقدوة..
– إن الأساليب التربوية والبيداغوجية المعتمدة حاليا والتي ظهر بالملموس عدم نجاعتها وانعكاس ذلك على مستوى التلاميذ، وجه اهتمامهم إلى وسائل الاتصال الحديثة من فضائيات وإنترنت و تطبيقات الجوال وغيرها، وهو ما جعلهم يتابعون مظاهر عنف و انحلال أخلاقي من مجتمعات أخرى، وحتى أنواع من ضروب التزمت و التطرف والانغلاق، مما نتج عنه هذا التصادم ورفض الواقع المدرسي وحتى الاجتماعي الذي يعيشون داخله، و يبدون نوعا من التطاول على الجميع، وصل حد العنف.. وهذه الصورة التي لا يخلو منها أي معهد تقريبا، قد غذاها أيضا مظهر انسلاخ الوسط العائلي أي الأولياء من متابعة أبنائهم في حياتهم المدرسية اليومية وعدم مراقبتهم بشكل متواصل ودقيق.
الاختلال بين التعليم و التربية:
هل نحن نعلّم أكثر مما نربّي؟
لقد حافظت وزارة التربية منذ إحداثها على مصطلح التربية إيمانا منها بالتوجه التربوي للتعليم : فنحن نعلم لنربي و نعلم للحياة وللنهوض بالفرد و تطوير نمط عيشه و طريقة تعامله مع الأشياء.
فالتربية هي الرهان الاستراتيجي للعملية التعليمية، ولكن مع هذا يجب الإقرار بوجود فراغ و هوة بين دور التعليم وهدفه التربوي. ولا يجب في هذا الباب الانتقاص من دور المؤسسة التربوية التي مازالت إلى اليوم تقوم بدور فعال في تربية وتنشئة الأجيال، لكن هذه المؤسسة لا تستطيع لوحدها تحمل العبء كله، في ظل تطور العوامل المساهمة في التربية وخاصة ظاهرة استقالة الأولياء والتأثر بالمظاهر السلبية التي تقدمها وسائل الاتصال، وبروز أشكال جديدة من الانحراف السلوكي كالمخدرات والإرهاب و العنف … بل يجب أن تسند لمنظمات المجتمع المدني دور المدرسة كذلك. هذا إضافة إلى البحث عن طريقة أكثر نجاعة لتفعيل دور خلايا العمل الاجتماعي ومكاتب الإصغاء والحوار مع التلاميذ والأولياء و تعزيز مفهوم المرافقة المدرسية، وبين هذا وذاك، يجب الإقرار بحتمية تطوير الحياة المدرسية و النشاط الثقافي.
ومن بين العناصر التي ساهمت في ظاهرة العنف المدرسي كذلك:
– غياب العمل الميداني في مجال دراسة العنف، والمرتكز على العمل الإحصائي و الاستقصائي والمحدّد لمواطن تفشيها المكانية و الزمانية.
– فراغ الزمن الخارجي للتلاميذ.. وتفشي ظاهرة تواجد بعض الفضاءات من مقاهي وغيرها، تبث السموم بما تعرضه من مادة…(مقهى لكل 500تونسي).. وتجمع التلاميذ أمام المعاهد في فترات ما بين الدروس، و اندساس بعض الغرباء بينهم، وكذلك الفراغ الحاصل في استغلال هذا الزمن الخارجي و بعث روافد تربوية و ثقافية من طرف السلط قرب المؤسسات التربوية، جميعها عوامل لظهور مثل هذه المظاهر من العنف والسلوكيات الغريبة في الوسط التعليمي. فالمدرسة ليست مصدرا للعنف، لكنها انعكاس للعنف في المجتمع وهو العنف الذي يبدأ من “الأسرة التي يلجأ أفرادها مباشرة إلى العنف كحل لأي خلافات تحدث داخل هذا المكون الاجتماعي.
– عدم نجاعة الطرق التي تلجأ إليها المدرسة لمواجهة العنف عبر اكتفائها بالإجراءات التأديبية، وفي بعض الأحيان رفعها إلى العدالة، إذ لا بدّ من بحث معمق للمشكلة بإيجاد آليات لمرافقة هؤلاء الأطفال و المراهقين، خاصة أولئك الذين يعانون من مشاكل اجتماعية داخل أسرهم، وهي المشاكل التي تؤثر عليهم أثناء وجودهم في المؤسسات التربوية .
– ثلاثة أرباع التلاميذ المتورطين في السلوكيات المنحرفة هم من الراسبين، وثلثيهم ممن تكون نتائجهم خلال العام الدراسي ضعيفة.
ظاهرة الغياب:
من بين أهم الأسباب المؤدية إلى العنف المدرسي والانحراف في محيط المؤسسات التعليمية، تعمد صنف من التلاميذ التغيب عن الحصص الدراسية وغيابات بعض الأساتذة لظروف صحية في الغالب. هذا بالإضافة إلى كثرة ظاهرة المدرس البديل وعدم خبرته في طريقة التعامل مع التلاميذ وذلك رغم مستواهم العلمي المرموق.
وتتسبب ظاهرة الغياب والتغيب فى صفوف أطر التدريس بمختلف المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في ضياع ما يقارب 2.200.000 يوم عمل، بنحو 57 مليون دينار سنويا حسب ما ورد في التقرير الوطني حول التربية لسنة 2014، والذي خلص إلى أن كلفة هذه الظاهرة تبلغ على التوالي نسبة 2,1 بالمائة من جملة الاعتمادات المخصصة للأجور في المرحلة الابتدائية و1,6 بالمائة من كتلة التأجير بالمرحلتين الاعدادية والثانوية.
وتطرق التقرير بالخصوص إلى بعض الظواهر المستجدة بالوسط الدراسي، وأهمها العنف بمختلف أصنافه، المادي واللفظي والعنف المجسد والاتصالي والعنف الرياضي مشيرا إلى أن مصادر أمنية وتربوية أفادت بأن الوسط المدرسي شهد أكثر من 8000 حالة عنف خلال الثلث الأول من السنة الدراسية 2013/2014 على الصعيد الوطني.
واستهدفت هذه الحالات بشكل خاص الإطار التربوي، فضلا عن العنف المتبادل بين التلاميذ والمترتب عنه أضرار بالتجهيزات المدرسية.
4- أنواع العنف
إنّ العنف ظاهرة متفرعة الأسباب متنوعة المظاهر ومن أبرز أشكاله:
-العنف مع الذات بالميل لصروف الانحراف (التدخين والمخدرات..).
-العنف تجاه الآخر (تلميذ، مدرس..).
-العنف تجاه المحيط و التجهيزات ( كتابة على الجدران و الطاولات، تكسير الطاولات و الكراسي و السبورات و دورات المياه..).
العنف اللفظي:
وهو في مجمله عنف لغوي، فيه خروج عن النواميس ولغة الاستعمال العادية، وينقسم إلى صنف فيه سباب بإيحاءات جنسية و صنف فيه سباب ديني. وهذه ظواهر فسرها علم الاجتماع بفقدان الوازع الاجتماعي وضعف الدور التربوي في ظل تغير صورة القدوة، و فسرها علم النفس بالكبت.
العنف غير اللفظي:
وذلك بتحقير الآخرين و الاستهزاء بهم والسخرية منهم و الإهمال والتفرقة والتمييز…
-ومنه أيضا العنف الحركي من خلال القيام بحركات غير لائقة.
-التخويف والميل للمجموعات العنيفة.
-أحيانا يكون العنف من بعض أفراد الأسرة التربوية.(الاستهزاء بضعف التلميذ ..اعتماد مقارنة السخرية ..التهديد بالرسوب…إشعار الطالب بالفشل الدائم..).
-الإهانة، الإذلال، السخرية من التلميذ أمام الرفاق، نعته بصفات مؤذية.
-تشتت الانتباه و الحقد على المدرسة والمدرس.
– بروز شكل خطير من العنف الذي يمارس داخل الوسط المدرسي، ألا وهو العنف السياسي والعقائدي والايديولوجي الذي بدأ يتفاقم في الآونة الاخيرة.
العنف المجسد:
يعتبر العنف المجسد كل كتابة أو رسم يتضمن إيحاءات جنسية أو عنصرية، يقترفه التلاميذ على جدران المدرسة أو داخل المراحيض أو على أغلفة كتبهم وكراريسهم. وهي وسائل موجهة إما لزملائهم ممن يعتبرون «أعداء» لهم أو لأساتذتهم ومعلميهم، وعادة ما تتضمن هذه الكتابات والرسوم تهديدات تصل إلى «الانتقام» وتشويه السمعة والتحريض ضد التلاميذ والأساتذة، ومع انتشار أنواع قوارير الطلاء المعدة للكتابة والرسم على الجدران، تفتقت قريحة التلاميذ لتحويل جدران المدارس إلى ساحة مواجهات فيما بينهم.
العنف المنظّم:
هو نوع جديد من العنف أبطاله مجموعات من التلاميذ منظمون في شكل عصابات عادة ما يتزعمها تلميذ يتميز بنزعة عدوانية، وتقوم هذه العصابات بترويع بقية التلاميذ وابتزازهم وإجبارهم على دفع بعض الأموال والتنازل عن ملابسهم الباهضة الثمن، و الاستيلاء على هواتفهم الجوالة، وسلبهم الأشياء الثمينة كالساعات وأجهزة الحاسوب. وعادة ما تتعامل هذه العصابات المنظمة مع أشخاص من خارج المحيط المدرسي ممن عرفوا بسوابقهم العدلية لزيادة الضغط على زملائهم من بقية التلاميذ للإذعان إلى طلباتهم.
العنف الاتصالي:
إن انتشار وسائل الاتصال بين التلاميذ من هواتف جوالة وحواسيب محمولة، و انخراط الآلاف منهم في فضاءات التواصل الاجتماعي، ساهم في ظهور نوع جديد من العنف أصبح متداولا بكثرة فيما بينهم، كتوجيه رسائل التهديد عبر الهواتف الجوالة أو إنشاء صفحات على شبكات «الفايس بوك» للتحريض على زميل لهم وتشويه سمعة أحد المدرسين وحتى نشر الصور الفاضحة والتهديد وبث الرعب.
العنف الرياضي:
لقد ساهم التعصب الرياضي الذي نشهده منذ سنوات، وظاهرة العنف في الملاعب الرياضية في انتشار نوع جديد من العنف مصدره مجموعات من التلاميذ من مشجعي الفرق الرياضية، و الذين حوَّلوا الفضاء المدرسي إلى ساحات لتبادل العنف اللفظي والجسدي دفاعا عن فرقهم الرياضية، مما أدى في العديد من الأحيان إلى حالة من الفوضى جعلت أعوان الأمن يتدخلون لتفريق المتسببين في تلك الأحداث، ونتذكر ماحدث أمام المعهد الفني في تونس العاصمة عشية مباراة جمعت فريقي العاصمة في موسم2010. ( نشر في جريدة الشروق الحبيب الميساوي 13-02-2012).
العنف تجاه الذات:
ويظهر في الميل إلى العزلة و الاكتئاب المفرط و إحساس صاحبه بأنه منبوذ، و أحيانا يبلغ التطرف مع الذات إلى حد الانتحار حين يحس المرء بأن حياته دون جدوى. وهذا بسبب ضعف التأطير و غياب ثقافة الحوار واعتبار النجاح في الحياة أهم من النجاح في الدراسة.
وهو اليوم من أخطر أنواع العنف أمام تزايد ظاهرة الانتحار في الوسط المدرسي.