إرشادات
التعليم باستخدام الرسوم المتحركة
عندما نذكر الرسوم المتحركة، يتراود إلى أذهاننا مباشرةً تلك المشاهد والصور المليئة بالرسوم والشخصيات والألوان والصور والمؤثرات البصرية، اجتمعت فيها أنواع من الوسائط المتعددة.
بدأ هذا المصطلح بمفهمومه الحديث الشائع في بدايات القرن الماضي، وأحدث هذا المجال ثورة ضخمة في عالمه بعد ظهور شركة والت ديزني في عشرينيات القرن الماضي، حققت بعدها شهرة واسعة بسبب استخدامها تقنيات وأساليب حديثة في فن الرسوم المتحركة أو رسوم الكرتون آنذاك، ثم برزت واشتهرت عالمياً الرسوم المتحركة الأمريكية مثل (توم وجيري) و (النمر الوردي) وغيرها الكثير… والتي كان الغرض منها التسلية والترفيه. وبعد ذلك اشتهرت أفلام الرسوم المتحركة اليابانية في عالمنا العربي مثل غريندايزر و ( سندباد ) و ( عدنان ولينا ) وغيرها…
من منا لم يجلس عند شاشة التلفاز ليشاهد أفلام الكرتون اليابانية بجمال دبلجتها وروعة رسومها وألوانها ووضوح قصتها ورسالتها، أو رسائل البرامج التلفزيونية التربوية التعليمية ( افتح يا سمسم) و (افتح يا وطني أبوابك) و (المناهل)، والتي تميزت ببساطة التقنية والأسلوب، وعمق الرسالة والهدف. لاشك أن معظمنا يقلب صفحات الماضي بين الحين والآخر ويتذكر ذاك الزمن الجميل الذي يسميه البعض “زمن الطيبين!”).
“زمن الطيبين” التي كانت الرسوم المتحركة وبرامج الطفل فيه هي المسلّي الوحيد في المنزل للطفل، فلا أجهزة لوحية ولا جوالات ذكية ولا شبكة إنترنت على مدار الساعة.
وعلى الرغم من أن معظم الرسوم المتحركة المدبلجة في القرن الماضي وبدايات القرن الحالي هي من إنتاج اليابان، إلا أن الشركة المسؤولة عن دبلجتها باللغة العربية وعرضها على القنوات العربية كانت تحرص في دبلجتها على إرسال رسائل أخلاقية ودينية بشكل غير مباشر للطفل مثل قول الحمدلله بعد الأكل وقول بسم الله عند السقوط، وكذلك تسمية الشخصيات بأسماء عربية، والأهم من ذلك حذف المشاهد اللاأخلاقية أو التي تتنافى مع عادات وتقاليد المجتمع وتؤثر على نشأة الطفل الصحيحة. وعُرف برنامج افتح يا سمسم الشهير برسائله التربوية والتعليمية الهادفة، فهو في الأصل برنامج أمريكي اسمه شارع السمسم (Sesame Street) قامت بشراء حقوقه مؤسسة البرامج المشتركة لدول الخليج العربي وحرصت في اقتباس الفكرة وإنتاجها على ما يتناسب مع مجتمعاتنا وثقافتنا العربية، وما لا يتنافى مع العقيدة الإسلامية الصحيحة. وكم أنتجت مؤسسة البرامج المشتركة لدول الخليج من برامج كانت بسيطة في إنتاجها عميقة في رسائلها مثل البرنامج الشهير (دمتم سالمين) و ( افتح يا وطني أبوابك) والتي لم نعد نرى نشاطها بشكل ملحوظ في هذه الأيام كمؤسسة بارزة ومؤثرة في تلفزيون الخليج والوطن العربي مثل السابق.
لكن السؤال الأهم هو: لماذا لم نعد نرى تلك الرسوم والبرامج التي همّها هو تعليم الطفل وغرس القيم الأخلاقية والتربوية وحب الوطن والاعتزاز بالدين؟ فلو فتحنا قنوات الرسوم المتحركة التي تعرض حالياً، فلن تفهم الفكرة والرسالة والقصة إلا ما ندر! فستجد قوة هائلة في المؤثرات البصرية والتقنيات الحديثة العالية المستخدمة التي تجذب الطفل بصرياً فقط ولا تؤدي دورها من الناحية المعرفية و الوجدانية، ناهيك عن اللاواقعية لأبعد حد في الشخصيات والقصة، بل وأن بعض الرسوم المتحركة يتم إنتاجها لأغراض سياسية وعقائدية و تسويقية.
إذاً ما هو دورنا كمربين ومعلمين وتربويين عندما نتحدث عن الرسوم المتحركة؟
أولاً: لا شك بأن الأسرة هي لبنة المجتمع وبصلاحها يصلح المجتمع وبفسادها يفسد المجتمع، فلا بد لنا أن نحرص على انتقاء أفلام الرسوم المتحركة والبرامج التي تناسب الطفل من جميع النواحي. ولا مانع من مشاهدة الرسوم التي غرضها فقط التسلية لا التعليم والتربية بشرط أن تخلو مما يتنافى مع القيم والأخلاق و المبادئ الصحيحة.
ثانياً: في ظل إثبات العديد من الدراسات والنظريات أثر استخدام الرسوم المتحركة والوسائط المتعددة في العملية التعليمية، وفي ظل توفر تطبيقات وبرامج عديدة بسيطة لتصميم وإنتاج الرسوم المتحركة تقدم مميزات وتقنيات رائعة، على المعلم أن يسعى للاستثمار والاستفادة من هذا المجال، وذلك بتعلم واكتساب مهارة تصميم وإنتاج أفلام الرسوم المتحركة لينتج أفلاماً بسيطة هادفة موجهه للمتعلمين داخل وخارج المدرسة.
ومما أذكر أن معلما في مدرسة ابتدائية كان يشتكي من ضجيج الطلاب في وقت صلاة الظهر بمصلى المدرسة، فقام بإنتاج فيلم قصير بفكرة بسيطة عبارة عن حوار بين الجد والطفل عن أهمية الصلاة واحترام وقتها ومكانها برسالة عير مباشرة للطلاب، وقام بعرضه على جميع الطلاب في المصلى من أجل التوعية و بالفعل كان للفيلم أثر إيجابي على نفوس الأطفال.
ومما لا شك فيه بأن الطفل بفطرته، تجذبه الرسوم المتحركة والوسائط المتعددة وتشد انتباهه وتركيزه لما تحويه من شخصيات مرسومة ومؤثرات بصرية وأصوات وغيرها… ويمكن من خلال هذا الفن إرسال رسائل تربوية وأخلاقية ودينية للطفل بشكل غير مباشر سوف تؤثر بالتأكيد على الطفل إيجابياً.
فكيف يمكن إنتاج فيلم رسوم متحركة؟
لا شك بأن إنتاج الرسوم المتحركة يتطلب خبرة عميقة ودراية كبيرة ببرامج تصميم خاصة، يعمل عليها خبراء و شركات متخصصة في هذا المجال، و يتطلب كذلك تدريبا مستمرا وإتقانا عاليا للعمل عليها و وقتا طويلا وجهدا كبيرا وذلك لإنتاج مشهد واحد فقط. لكن في الآونة الأخيرة ظهرت برامج وتطبيقات عديدة توفر قوالب وأدوات جاهزة يمكن من خلالها إنتاج فيلم رسوم متحركة جميل وجذاب وشيق بأقل جهد وبدون تكلفة عالية، ودون الحاجة لخبرة متقدمة في البرمجة، فلا شك بأن تعلم هذه المهارة الجديدة سيفتح عليك أبواباً من الإبداع والتميز في هذا المجال.
واتجه عدد كبير من الشركات العالمية والمحلية إلى برامج وأفلام الكرتون لتسويق منتجاتها وخدماتها، واستُخدم هذا الفن من قبل الهيئات الحكومية لتوعية المجتمع وشرح بعض الإجراءات باستخدام الرسوم المتحركة، مثل شرح طريقة إصدار الجواز وتجديده، وشرح خطوات إصدار سجل تجاري… كما استخدمت هذه التطبيقات من قبل الجمعيات والمؤسسات الخيرية.
ومن أسباب الإقبال على تطبيقات إنتاج الرسوم المتحركة في جميع المجالات حالياً هو سهولة وسرعة تعلمها، فهي لاتحتاج إلى وقت وجهد كبير في عملية إنتاجها، مع قلة التكلفة، وعدم الحاجة لممثلين ومصورين ومواقع تصوير، وسهولة نشر الأفلام المنتجة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن أشهر مواقع إنتاج الرسوم المتحركة موقع Goanimate، وكذلك موقع powtoon، وبرنامجVideoScribe الخاص بإنتاج أفلام whiteboard، هذه المواقع توفر العديد من القوالب والشخصيات والصور والأصوات مقارنة بغيرها، وهي سهلة وبسيطة يمكن تعلمها بسرعة. وما يميز أيضاً هذه المواقع هو التجديد والتطوير السريع والدائم للقوالب والأدوات، ويمكن تجربة هذه المواقع خلال فترة محددة بصلاحيات كاملة، كما أنها تقدم عروض خاصة للعاملين في مجال التعليم.