اخبار التعليم

الأساتذة الفرنسيون بين الرغبة في استئناف التدريس والخوف من الإصابة بفيروس كورونا.

 

 

وزير التعليم الفرنسي جان ميشيل بلانكير يلقي الإملاء على تلاميذ في إحدى المدارس، دعما للجمعية الأوروبية للمصابين بحثل المادة البيضاء في الدماغ، العاصمة باريس. 14/10/2019

وزير التعليم الفرنسي جان ميشيل بلانكير يلقي الإملاء على تلاميذ في إحدى المدارس، دعما للجمعية الأوروبية للمصابين بحثل المادة البيضاء في الدماغ، العاصمة باريس. 14/10/2019 © رويترز

يرغب الأساتذة الفرنسيون في العودة إلى العمل لكنهم يخشون عدم توفر مستلزمات الوقاية من فيروس كورونا، مثل الكمامات الواقية ومطهرات الأيدي، في الوقت الذي يبدو فيه الإجراء القاضي بالتباعد الاجتماعي (مسافة متر أو مترين) صعب التطبيق في المؤسسات التعليمية، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالأطفال. فما رأي الأساتذة في ذلك؟ فرانس24 تحدثت إلى أربع مدرسات وتعرض آراءهن في التقرير التالي.

إعلان

عندما استمعت ماغالي ومريم وفابيين وصبرينا إلى خطاب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في 13 أبريل/نيسان، معلنا  تاريخ 11 مايو/أيار موعدا لعودة تدريجية إلى المدارس، ثم إلى الشروح التي قدمها وزير التعليم جان ميشيل بلانكير لاحقا في هذا الصدد، اختلطت المشاعر على المعلمات الأربع، من المفاجأة والقلق إلى الشك.

من ناحية المبدأ، يشكل إعلان استئناف المدارس خبرا مفرحا بالنسبة إليهن إذ يرغبن في الخروج من الحجر المنزلي وتجاوز مرحلة التدريس عن بعد، ومشاكلها اليومية مثل صعوبة الاتصال بأولياء التلاميذ وبالتلاميذ أنفسهم، فضلا عن صعوبة التركيز عند بعض هؤلاء الأطفال.

بعد تسعة أسابيع من الحجر المنزلي، أدرك العديد من أولياء التلاميذ صعوبة التوفيق بين العمل عن بعد ومساعدة أولادهم على القيام بالواجبات المدرسية عند بعد، ما جعل العديد من الأطفال يقضون جل أوقاتهم في التسلية بالألعاب الإلكترونية.

ترى كل من ماغالي ومريم وفابيين وصبرينا أن الهدف من العودة إلى المدرسة ليس إتمام المناهج الدراسية بقدر ما هو إعادة ربط العلاقة بالتلاميذ.

تقول ماغالي، أستاذة الرياضيات في مدينة نانت (غرب فرنسا): “لدينا دور اجتماعي، والتلاميذ بحاجة إلينا”.

“لا أريد أن أموت بسبب كوفيد 19 في المدرسة”

لكن فابيين، وهي أستاذة في مادة الآداب بثانوية تابعة لأكاديمية نانسي وميتس (شرق فرنسا)، فإن العودة إلى المدرسة لن تكون بأي ثمن. وهي تقول “نريد أن نعود إلى العمل لكن بصراحة لا أريد أن أموت بسبب كوفيد 19“.

وتضيف “لا أريد أن أخاطر بحياة عائلتي.. خاصة أن زوجي يعاني من ارتفاع في ضغط الدم. وكان قد تلقى علاجا لسرطان الغدة الدرقية”.

وأضافت صبرينا التي تدرس اللغة الإنكليزية في ثانوية قرب مرسيليا (جنوب) أن “بعض الأساتذة يشعرون كأنهم ذاهبون إلى المذبحة”.

ومن الأسباب التي تثير مخاوف الأساتذة، الغموض الذي يلف إجراءات العودة إلى المدرسة. ففي جلسة استماع في البرلمان في 21 أبريل/نيسان، أعلن وزير التربية جان ميشيل بلانكير أن “العودة إلى المدارس ستكون تدريجية (وتمتد على نحو ثلاثة أسابيع) وبحضور 15 تلميذا فقط في كل قسم”، مضيفا أن “تلاميذ الحضانة والأقسام الأخيرة من المدرسة الابتدائية هم الذين سيعودون إلى الدراسة  أولا، إضافة إلى أطفال الأحياء الشعبية أو الفقيرة”.

“لا نملك حتى الصابون لغسل أيدينا”

لكن مريم، الأستاذة بمدرسة ابتدائية بضاحية فيرساي (جنوب غرب باريس)، ترى أن “السؤال الحقيقي ليس متى سنعود إلى المدارس بل في أي ظروف صحية ستتم هذه العودة”، مضيفة “لا نعلم أي شيء”.

وعبرت هذه المدرسة ذات الـ31 عاما عن عدة مخاوف، أبرزها صعوبة الحصول على المطهرات الكحولية لتعقيم الأيدي “لقد تعهدوا بتوفير هذا السائل لكن كيف يمكن أن نثق بأقوالهم إذ يفتقد التلاميذ عادة حتى للصابون لغسل الأيدي”.

وتشارك ماغالي وجهة نظر مريم إذ تقول “طلاب الثانوية التي أعمل فيها لم يحصلوا العام الماضي حتى على قطعة صابون لتنظيف أيديهم”.

وتساءلت صبرينا (44 عاما) “كيف يمكن لشخص واحد أن ينظف المراحيض والقاعات والمطعم” بالثانوية التي تعمل فيها بمرسيليا، مضيفة “اليوم ندفع ثمن سياسات التقشف التي فرضتها وزارة التعليم منذ ثلاثين عاما والتي تمثلت في تقليص عدد الأساتذة والموظفين والإمكانيات”.

“كل هذه المخاطر من أجل ستة أسابيع من التدريس”

وأمام هذه الظروف، يتساءل بعض المدرسين عن إمكانية الحصول على الكمامات الواقية، لأن “الحكومة لم توفر هذه الكمامات للطواقم الطبية فكيف يمكن أن توفرها للمدرسين؟”، على حد قول مريم.

وأضافت ماغالي (39 عاما) أنه “عندما يشرح المدرس درسه، تتناثر من فمه كميات هائلة من رذاذ اللعاب على الطاولة، وفي بعض الأحيان على رؤوس التلاميذ. وفي حال لم توفر لنا الحكومة الكمامات الواقية، فهذا يعني أنها لم ترق إلى مستوى التوقعات”.

وفي الثانويات التي من المقرر أن تفتح أبوابها في 18 مايو/أيار، الجميع يتساءل كيف يمكن للطلبة أن يحترموا التباعد الاجتماعي” أي المسافة الضرورية للحد من تفشي فيروس كورونا؟

وتقول فابيين “في الثانوية التي أعمل فيها، هناك ردهة فيها 20 قاعة، وكل قاعة تضم 34 طالبا. فكيف يمكن احترام المسافة المفروضة في مثل هذا الوضع؟”.

تقسيم التلاميذ إلى أفواج

تواصل فابيين “المشكلة تطرح نفسها أيضا في القاعات التي تضم 15 طالبا، إذ لا يفصل بينهم سوى طاولة واحدة. أما الطالب الذي يجلس في الصف الأمامي، فهو يقابلني وقريب مني”.

الحل بالنسبة لمدرسة الآداب يكمن في تقسيم الطلاب إلى ثلاثة أفواج: “ما يعني ضمان الدروس لفوج واحد كل ثلاثة أسابيع”، وفي نهاية السنة “كل فوج يكون قد درس أسبوعين فقط”.

وختمت حديثها بأن “الحكومة تكون قد قامت بهذه التمثيلية من أجل الدراسة خلال ستة أسابيع فقط.

الأساتذة يشعرون بالاستياء

قلة قليلة من الأساتذة ناقشت العودة إلى المدارس مع مدراء الثانويات الذين بدورهم “ينتظرون توصيات جديدة” من الوزارة.

لكن رغم ذلك، كل شيء ينذر بصعوبات عديدة في المدارس كنقص التنظيم وعدم توفر الظروف الصحية المطلوبة. وهذا ما جعل فابيين تدعو إلى “التفكير في تأجيل الدخول المدرسي إلى سبتمبر/أيلول بدلا من التسرع في تنظيم عودة إلى المدارس”.

وفي انتظار الحصول على مزيد من المعلومات، يسيطر الغضب على المدرسين. تتساءل فابيين “لدينا انطباع بأن الذين يعملون في وزارة التربية لا علاقة لهم بالواقع، لماذا لم يطلبوا منا المشاركة في النقاش”.

وتضيف “المشكلة في قطاع التعليم أن المسؤولين يقررون ونحن علينا أن نطبق ونكيّف”.

النشرة الإعلاميةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

وبينما فقد الأساتذة الثقة في وزيرهم جان ميشيل بلانكير بسبب الإصلاحات التي قام بها العام الماضي، ترى صبرينا أن الوزير “يقوم بتطبيق قرارات الرئيس ماكرون فقط ولا يملك أي صلاحية لفرض رأيه”. والدليل أنه عندما أعلن ماكرون إغلاق المدارس والجامعات ابتداء من 16 مارس/أذار، كان وزير التعليم قد صرح ليلتها بأن مثل هذا القرار لن يكون مجديا”.

وفيما تنتظر فابيين وصبرينا صدور توصيات عن مدراء الثانويات التي يعملن فيها بشأن العودة إلى العمل، رفضت مريم العودة إلى التدريس في مايو/أيار، منددة بازدواجية خطاب ماكرون الذي “يقول من جهة أنه يريد محو الفوارق الاجتماعية بينما يقوم من جهة أخرى بإغلاق المدارس في العديد من المناطق التي يعاني سكانها من هذه الفوارق”.

(france24)

إغلاق