تربية
أهمية البحث الإجرائي في الميدان التربوي
يعتبر البحث الإجرائي نوعاً من أنواع البحوث التربوية التطبيقية التي تسعى إلى تحسين الممارسات التربوية، وحل المشكلات التعليمية التي تواجه المعلمين داخل الصف.
تزخر الأدبيات التربوية بعدة مسميات للبحث الإجرائي، كبحث الفعل وهي ترجمة حرفية لمصطلح Action Research) )، كما يسمى أيضاً بحث الممارسين، والبحث التأملي، ونستعرض تعريف البحث الإجرائي فيما يلي:
1- مفهوم البحث الإجرائي
يعرّف البحث الإجرائي بأنه ذلك النمط من البحث التربوي الذي يجريه مزاول مهنة ما في حل مشكلة تواجهه، بنفسه أو بالتعاون مع زملائه الذين يشاركونه المعاناة من المشكلة، ويهدف إلى التصدي للمشكلة وتحسين الممارسات التي يتبعها الفرد في مهنته. ( بلقيس، 1981م)
كما يعرف الخالدي ووهبة (2000م) البحوث الإجرائية بأنها تلك البحوث التي يقوم بها المعلمون لتطوير أنفسهم أو لحل مشاكل تواجههم في العملية التربوية، حيث يقومون بتحديد المشكلة التي هم بصدد إيجاد حل لها ثم يقومون بتنفيذ إجراءات يعتقدون أنها مناسبة لحل هذه المشكلة، بعدها يتأملون فيما يقومون به من جهد فيما إذا كان ناجحاً في حل المشكلة، فإذا لم يكن كذلك يقومون بالمحاولة مرة أخرى.
ويعرف مركز إبداع المعلم (2004م ) البحث الإجرائي بأنه البحث الذي يقوم به المعلمون أو المشرفون التربويون أو الإداريون بهدف تطوير أدائهم وممارساتهم التعليمية أو لحل مشاكل تواجههم في العملية التعليمية، ويقوم البحث الإجرائي على التأمل الذاتي في الممارسات التعليمية من قبل الممارس نفسه لتحقيق فهم أفضل للعملية التعليمية ولإحداث التغيير المنشود.
- من التعاريف السابقة يتضح الاتفاق على أن البحث الإجرائي يهدف إلى تحسين الأداء الحالي، كما يمكن من حل المشكلات التربوية والتعليمية التي تواجه الممارسين في الميدان التربوي، ويرتكز البحث الإجرائي على التأمل في الممارسات، وينفذه المعلمون وقادة المدارس والمشرفون التربويون.
إذن فالبحث الإجرائي ينفذه باحثون مندمجون في البيئة التعليمية التي يجرى فيها البحث، عكس البحوث التربوية الأخرى، و التيةينفذها باحث من خارج البيئة بهدف استكشاف الواقع أو تقييمه أو تطويره، كما أن للبحث الإجرائي غرضان شخصي واجتماعي، فالشخصي يتمثل في تحسين مهارات الممارس، في حين يتمثل الغرض الاجتماعي في تحسين بعض المواقف.
2- أهمية البحث الإجرائي
يكتسب البحث الإجرائي أهميته من مجموعة من المزايا وهي كما ذكرها (مركز ابداع المعلم، 2004م):
1 – إتاحة الفرصة للمعلم لتقييم أداءه المهني بهدف تحسينه وتطويره.
2 – إيجاد حلول للمشكلات التي يواجها الباحث بنفسه مما يشعره بتحسن أداءه وزيادة قدرته على العمل والإنتاج.
3 – المساهمة في الربط بين النظرية والتطبيق العملي؛ إذ تكون النتائج قابلة للتطبيق الفوري من قبل الباحث نفسه.
4 – تعزيز دافعية الباحث للتفكير والعمل والرغبة المستمرة في الوصول إلى نتائج محددة؛ نظراً لارتباط المشكلة بواقعه وعمله.
5 – تمكين المعلمين من بناء معرفتهم ووضعها في متناول الآخرين ليعملوا على الاستفادة منها.
6 – إتاحة الفرصة للمعلم ليرى نفسه باحثاً ومنتجاً للمعرفة.
7 – تطوير القدرات التأملية لدى المعلمين من خلال مساعدتهم على صياغة مشكلاتهم وحلها.
عموما يمكن القول أن البحث الإجرائي في الميدان التربوي يمكن المعلم من تقييم أداءه، ويتيح له الفرصة لإيجاد الحلول للمشكلات التي تعترضه في عمله، كما يساهم في تضييق الفجوة بين النظرية والتطبيق، وتطوير قدراته التأملية.
3- مجالات البحث الإجرائي
للبحث الإجرائي عدة مجالات ينطلق منها ويحاول حل مشكلاتها الممارس في الميدان التربوي، منها:
أ – مشكلات تربوية تعليمية: وهي المشكلات التي تتعلق بالمنهج والتحصيل والتقويم.
مثل: أساليب التعليم، أساليب التقويم، طرائق التدريس، أساليب التدريب، الاستراتيجيات الحديثة، الوسائط التقنية واستخداماتها.
ب – مشكلات نفسية: وهي المشكلات التي تتعلق بمشاعر وسلوك الطلاب.
مثل: الخجل، الانطواء، السرحان، التنمر، العدوانية، القلق، الاكتئاب، ضعف الدافعية، الكذب و السرقة.
ج – مشكلات اجتماعية: وهي المشكلات التي تتعلق بالبيئة الاجتماعية المحيطة بالمدرسة،
مثل: علاقة الطلاب ببعضهم، علاقة الطلاب بالمعلمين، التكامل مع الأسر.
د – مشكلات مادية: وهي المشكلات التي تتعلق بمرافق المدرسة المادية.
مثل: الفصول، المختبرات، الملاعب، المكتبة، وسائل التعليم، التقنيات الحديثة، المسرح، القاعات و الساحات.
4- خصائص البحث الإجرائي
للبحث الإجرائي عدة خصائص تميزه عن غيره من البحوث العلمية الأخرى كما ذكرها حيدر (2004م ) ومركز الإبداع ( 2004م ) وهي أنه:
- بحث واقعي: يركز على مشكلات علمية تواجه العاملين من واقع الممارسة اليومية داخل الصف والمدرسة.
- بحث محدد: يتعامل مع ظاهرة معينة ويركز على حالات محددة بالزمان والمكان.
- بحث تشاركي: يمكن أن ينفذ البحث الإجرائي معلم واحد، لكن عادة ما ينفذ بتعاون وتشارك الزملاء المعلمين.
- بحث عملي تطبيقي: التطبيق في البحث الإجرائي لا يعني تطبيق نظريات أو فحص إمكانية تطبيقها، بل يعني وضع إجراءات وتطبيقها واستخلاص النتائج وتوظيفها بشكل مباشر في اتخاذ القرار وحل المشكلة.
وهذا أبرز ما يميز البحث الإجرائي عن غيره من البحوث الأخرى، و يمكن تلخيصه في الشكل التالي:
5- العناصر الأساسية لتنفيذ البحث الإجرائي
يتكون البحث الإجرائي من مجموعة عناصر أساسية لتنفيذه بالصورة العلمية التي تؤدي الغرض الأساسي منه وهي كالتالي:
1 – مراجعة الممارسات الحالية.
2 – التعرف على مشكلة البحث من خلال التأمل في الممارسات الحالية.
3 – تخيل حل ممكن للمشكلة.
4 – تطبيق الحل وتجريبه.
5 – تقييم الحل.
6 – تعديل الممارسة في حال نجاح الحل بعد التطبيق أو تجريب خيار آخر إذا لم ينجح.
7 – مراجعة الممارسات الحالية بعد التغيير.
وهذه العناصر السابقة تعتبر سلسلة متواصلة في تنفيذ البحث الإجرائي، بداية من مراجعة المعلم لممارساته الحالية، والتعرف على جوانب الضعف والقوة بعد التأمل، ومن ثم فرض الحلول الممكنة وتطبيقها، ثم تقيم النتائج، وأخيراً تعديل الممارسات في حال نجاح الحلول أو تجربة حلول أخرى.
ومما سبق يتضح أن خطوات تنفيذ البحث الإجرائي لا تختلف كثيراً عن خطوات تنفيذ البحوث العلمية الأخرى، مع تميز كل نوع من أنواع البحوث بمنهجية خاصة به.
6- أدوات جمع البيانات في البحث الإجرائي
تُعد مرحلة جمع البيانات في البحث الإجرائي من المراحل المهمة للتأكد من واقع وحجم المشكلة، وتتعد أدوات جمع البيانات كما ذكرتها الأدبيات التربوية وهي:
- الاختبارات
- المقابلة
- الرجوع إلى السجلات
- الاستبانة
- الملاحظة
- ملفات الإنجاز
- التكاليف والواجبات
- نتائج الطلاب الفصلية
و يتوقف تحديد نوع الأدوات المستخدمة لجمع البيانات على طبيعة المشكلة التي يرغب المعلم الباحث في فهمها وحلها، لذا يعد جمع البيانات في البحوث الإجرائية أمراً ذاتياً.
- تثليث جمع البيانات
بما أن البحث الإجرائي يُعد نمطا من أنماط البحث النوعي، فهو يحتاج عند جمع البيانات إلى تثليث البيانات، ويقصد بتثليث البيانات: جمع بيانات المشكلة من أكثر من مصدر؛ وذلك لزيادة التأكد من وجود المشكلة وحجمها.