افكار
جامعة الحفاة، أو عندما يحقق التعليم هدفه
مقدمة
تُعد مبادرة مركز العمل الاجتماعي والبحوث “SWRC”The Social Work and Research Centre، المعروف على نطاق واسع باسم كلية الحفاة Barefoot collage من أهم المبادرات في العصر الحديث التي تهتم بنشر العلم وتعليم الفقراء في المناطق النائية، وهي منظمة تطوعية (غير حكومية وقائمة على التبرعات) تعمل في مجالات التعليم وتنمية المهارات والصحة ومياه الشرب وتمكين المرأة وتوليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية لتحقيق حياة أفضل لسكان الريف، تهدف إلى جعل حياة المجتمعات الريفية أفضل من خلال جعلها مكتفية ذاتياً ومساعدتها على خلق فرص عمل لنفسها.
1- بداية جامعة الحفاة
رجع Bunker Roy إلى قريته Tilonia عام 1972 بعد أن درس في أهم الكليات في الهند لينشئ بها أكاديمية الحفاة أو كلية الفقراء التي تفتح أبوابها للفقراء وخصوصا النساء منهم وتُفضل الجداتُ لأنهن أبدين سرعة أكبر في التعلم. لتصبح بعد ذلك هذه المبادرة من أهم مبادرات نشر العلم في العالم أجمع.
حولت كلية الحفاة مدينة Tilonia من قرية صغيرة فقيرة في منطقة أجمر في راجستان لا يوجد بها كهرباء إلى مدينة تعليمية تستقطب الفقراء وخاصة النساء لتعليمهم المهارات المهنية في مجالات مختلفة مثل الطاقة الشمسية والرعاية الصحية والتعليم والحِرف اليدوية.
2- فكرتها
تقوم فكرة الأكاديمية على أن المقصد النهائي من أي تعلم هو أن يُيَسِّر ويسهل حياة الناس ويُلبي احتياجاتهم الآنية، ولذلك فهم يُعلمون الجدات والنساء والرجال كيفية تصنيع الألواح الشمسية لتوفير الكهرباء وكيفية تطوير تقنيات منع تسريب المياه من السطح، وكل ما يعتقد الفقراء أنه مهم لتسير حياتهم يتم إدراجه في البرامج التعليمية.
بدأت جامعة الحفاة في الهند حيث أراد Bunker Roy إيجاد طرق بديلة لمعالجة قضايا الفقر وعدم المساواة السائدة في الهند عن طريق تعليم الحِرف والصناعات، إلا أنها مع مرور الوقت أصبحت مؤسسة دولية تعمل في مختلف دول العالم وتقدم حلولا لمشكلات التعليم والصحة والطاقة والمياه بتعليم مختلف قائم الأهالي أنفسهم.
3- كيف أنشأت
أسسها Bunker Roy في قرية Tilonia بالهند ببرامج تعليمية متأثرة بفلسفة غاندي المتمحورة حول ضرورة اعتماد كل قرية على نفسها في تلبيه احتياجاتها.
4- سياستها
سياسة كلية الحفاة هي أخذ الطلاب، وخاصة النساء من أفقر القرى وتعليمهم مهارات مثل تركيب وبناء وإصلاح المصابيح الشمسية وإدارة الموارد المائية دون الحاجة إلى القراءة أو الكتابة.
5- كيف تعمل جامعة الحفاة ؟
تقوم القرى المشاركة بإنشاء لجنة الطاقة والبيئة في القرية التي تحدد المعدلات التي سيدفعها القرويون للألواح الشمسية وتحدد أي من أفقر سكان المدينة سيذهب إلى الكلية للتدريب. يتلقى الطلاب برنامجًا تدريبيًا لمدة 6 أشهر يتعلمون عن الألواح الشمسية وبطاريات التخزين قبل العودة إلى المنزل حيث يقومون بصيانة وإصلاح الألواح الشمسية.
لا تُعطي الكلية أي شهادات، وتقوم على فكرة توصيل التكنولوجيا المتقدمة إلى القرى الريفية لإثبات أنه مع التدريب المناسب يمكن لمن يجيد القراءة والكتابة و لمن لا يُجيدها تشغيل وإدارة عناصر مثل الألواح الشمسية ومضخات المياه.
6- تعليم الأطفال
الأطفال لا يرتادون المدرسة، لأن لديهم مسؤوليات متنوعة مثل رعاية الحيوانات والقيام بالأعمال المنزلية. لهذا تم إنشاء مدرسة مسائية للأطفال يتعلمون أمورا عديدة من قبيل الديمقراطية والوطنية إلى جانب مهارات قياس الأرض والعناية بالحيوانات المريضة. وهي مدارس -للإشارة- مضاءة بواسطة الطاقة الشمسية التي صنعها الأهالي.
أُسس الحرم الجامعي على مساحة تُقارب 32 ألف متر مربع و هو مضاء بالكامل بالطاقة الشمسية. أما أرضيات المباني المستخدمة فهي ترابية وليست بها كراسي وذلك حتى يشعر الطلاب الفقراء بالراحة.
من خلال إنشاء كلية Barefoot College، قام Bunker Roy بتدريب الفقراء على كسب رزقهم، ليصبح بعد ذلك رائد أعمال وظيفته مساعدة المجتمع. وبفضل تفانيه وإصراره، تسعى كلية الحفاة إلى المساهمة في حل قضايا الفقر وعدم المساواة من خلال تعليم الناس في المجتمع المهارات الأساسية التي يحتاجون إليها للبقاء على قيد الحياة دون الحاجة إلى توظيف أشخاص للقيام بالوظائف البسيطة.
7- دورها في تمكين المرأة
تُعلم الكلية النساء كيفية القيام بالأشياء التي يهيمن عليها الرجال عادة، بهدف تحقيق المساواة مع الرجال ومساعدتهم على أن تصبحن مكتفيات ذاتيا أكثر.
وعموما، تأتي النساء من قرى صغيرة في الهند ومن جميع أنحاء العالم، وتَمْكُتن بالحرم الجامعي لمدة 6 أشهر هي مدة البرنامج التعليمي لتعلم مهارات صنع دوائر الشحن الشمسي. بعد تعلم هذه المهارات، تعدن إلى قُراهن حيث لا يوجد كهرباء وتقمن بصنع هذه الدوائر لجلب الضوء.
وكمثال على دور كلية الحفاة في تمكين المرأة، نجد سيدة عمرها 60 عامًا، والتي لم تذهب إلى المدرسة أبداً في حياتها تقوم بصنع من 4 إلى 5 دوائر كهربائية في اليوم.
8- دورها في تغيير نظرة الإنسان القروي للتعلم
يتجلى هذا الدور بالخصوص من خلال تعليم الناس كيفية تطوير أنفسهم، وإعطائهم فرصة ليصبحوا قادرين على القراءة والكتابة، وزيادة معرفتهم في المجالات العملية.
وعموما، لم تقم كلية الحفاة فقط بحل مشكلة الفقر وعدم المساواة، بل جعلت المواطنين أكثر كفاءة وفاعلية ومعرفة وحبا للتعلم، ويتحدون الصعاب من أجل مجتمع منتج ومربح.
9- دورها الدولي
أصبحت كلية الحفاة أول شريك غير حكومي مع مؤسسة اليونسكو لتعليم الفتيات والنساء، حيث تقوم الجامعة بتنفيذ برنامج ممول من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي التابع لوزارة الشؤون الخارجية الهندية بإحضار نساء من قرى في إفريقيا الريفية (لا توجد بها كهرباء) إلى المدرسة للتدريب، وبعد ذلك يعدن بمهارات جديدة لإدخال تركيب وصيانة الطاقة الشمسية في قُراهن.