اخبار التعليم

الإمارات.. التعليم الذاتي بوابة لرعاية المتفوقين تتطلب التقييم والمتابعة

لم تعد الحاجة ملحة إلى تردد الطالب يومياً على المدرسة والجلوس في الفصل لتلقي الدروس، حيث جعل نظام التعليم الذاتي الوجود داخل أسوار المؤسسة التعليمية للتحصيل الدراسي غير ضروري، وهو تعليم يتخطى المعوقات المكانية والوقتية والعمرية ويقدم محتوى وشكلاً مختلفاً ومميزاً.

لكن آراء التربويين تباينت حول إيجابيات وسلبيات التعليم الذاتي، فبينما أكد البعض أنه يتيح أمام الطلبة الاستمتاع بفرص التعلم في أي مكان وفي كل وقت، كونه يوفر تصاميم مبتكرة تتيح التعلم تبعاً لاحتياجات كل طالب، ويقود إلى إحداث نقلة إيجابية في المشهد التعليمي في دبي والمنطقة والعالم ككل، رأى آخرون أنه يتطلب التقييم والمتابعة وتحليل النتائج، وقياس المخرجات لتكون التجربة ناجحة بصورة واقعية.

وأكد متخصصون في التكنولوجيا التعليمية أن نجاح التعليم الذاتي مرتبط إلى حد كبير بالحلول التكنولوجية، مشيرين إلى ضرورة إرساء منهجية واضحة لرفع مستوى التوعية بمفهوم التعليم الذاتي.

ورغم أن شريحة كبيرة من أولياء الأمور تنظر إلى النظام بتخوف كون التعليم المدرسي هو المظلة الأساسية التي يتلقى من خلالها الطلبة تعليمهم إلا أنهم اعتبروا الفكرة إبداعية، وذات رؤية عميقة بعيدة المدى، هدفها رفع المستوى التعليمي لكافة أفراد المجتمع الإماراتي وتحسين مستوياتهم على اختلاف أماكنهم وتواجدهم وظروفهم.

أكد الدكتور عبدالله الكرم، رئيس مجلس المديرين مدير عام هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، أن مبادرة دبي X 10، تعد المحرك الرئيس لمستقبل التعليم والتعلم في دبي عبر إتاحة الفرص أمام الطلبة للاستمتاع بفرص التعلم في أي مكان وفي كل وقت، كونه يوفر تصاميم مبتكرة تتيح التعلم تبعاً لاحتياجات كل متعلم، ويندرج تحته مشروع «رحال» الذي يمنح الطلبة فرصة اختبار إمكاناتهم والاستفادة من التعلم داخل المدرسة وخارجها، والتركيز على الاحتياجات الفردية والظروف الفردية لكل طالب، ما يقود إلى إحداث نقلة إيجابية في المشهد التعليمي في دبي والمنطقة والعالم ككل، من خلال تغيير المفاهيم السائدة حول وسائل اكتساب المعرفة والاعتراف بها.

وقال حول مبادرة الدوام الدراسي المرن التي تتمثل في انخراط الطلبة في الدراسة العادية داخل الحرم المدرسي لمدة 3 أيام ونصف اليوم أسبوعيا، في مقابل يوم واحد ونصف اليوم خارج المدرسة، حيث سيتم رصد أعمال الطلبة خارج المدرسة من خلال المؤسسات المجتمعية الحاضنة أو أولياء الأمور الذين يرسلون التقارير الخاصة بإنجازات ومشاركات أبنائهم إلى المدرسة، ضمن خيارات متنوعة من التجارب المقترحة، ليتم رصدها ومتابعتها من خلال التقدم الدراسي والتحصيل الأكاديمي الخاص بكل طالب.

وقال محمد مخلوف معلم في مدرسة ابن خلدون «حلقة ثانية»، إن تجربة التعلم الذاتي التي تبنتها الأسرة الإماراتية تستحق الإشادة كونها تعكس التجاوب مع فكرة التطوير، إذ إنه من الصعب أن تقتنع الأسرة العربية بفكرة التعليم عن بعد، حيث يتعلم الطالب في بيئات متعددة دون الذهاب بشكل يومي وروتيني إلى المدرسة أو الجامعة، ويتم الفصل بشكل كامل بين المعلم والطالب وبيئة التعلم والأقران، ولكن الثقة الكبيرة بالقيادة جعلت الأسر شريكاً إيجابياً في عملية التطوير، ولم تكن فكرة التعلم عن بعد في الإمارات وليدة الصدفة وإنما منذ سنوات يتم الإعداد والتمهيد لها من خلال تدريب مجتمع التعلم على وسائل التعلم الإلكتروني وإنشاء منصة التعلم الإلكتروني، والبرامج والدروس التعليمية الذكية مثل برنامج الديوان وبرنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي، والكثير من برامج التعلم الإلكتروني، حتى بات مجتمع التعلم مهيأ لتطبيق التعليم عن بعد.

وأضاف: «يأتي إعداد تشريع يسمح بإنشاء مدارس للتعليم عن بعد واعتماده كوسيلة معترف بها أكاديمياً لاكتساب المعارف والذي تحقق بفضل مختبر التشريعات لتصميم المستقبل بشكل استباقي بما يدعم رؤية الإمارات 2021 ومئوية الإمارات 2071، والتشريع جاء ليزيل أكبر عائق يواجه هذه الفكرة، ويبدد مخاوف الأسرة من عدم الاعتراف بشهادة التعليم عن بعد، وأرى أننا بتطبيقنا للتعليم عن بعد فإننا نستطيع تحقيق العديد من الفوائد، حيث سيكون بإمكان القائمين على التعليم تطبيق العديد من البرامج الخاصة برعاية الموهوبين والمتفوقين، دون الاصطدام بقواعد الدوام المدرسي الروتيني، وعندئذ يمكن تكوين مجموعات متجانسة من الموهوبين يمكن تدريبهم وصقلهم بما يناسب مواهبهم بالتزامن مع إتمامهم لمساراتهم الأكاديمية، كما أن التعليم سيصبح أقل تكلفة على الأسر، بالإضافة إلى توفير الوقت والجهد، ويتيح للجميع الالتحاق بالتعليم دون التقيد بالعمر الزمني، والتعليم عن بعد يسهل عملية إعداد البرامج والمناهج وفق كل الفئات، ويعتبر من الناحية الاقتصادية موفراً للكثير من الأموال على الدولة مثل الطباعة وتكاليف المنشآت التعليمية».

وأشار إلى أن بعض الطلاب والأسر لا يتناسب معهم هذا النوع من التعليم لذا فإنه من الأفضل وجود التعليم عن بعد بجانب التعليم التقليدي بالمدارس فكثير من طلابنا من أصحاب الهمم بحاجة إلى بيئات داعمة للدمج الاجتماعي، كما أن ظروف بعض الأسر لا تتناسب مع احتياجات التعليم عن بعد.

وأكدت المعلمة آمنة يوسف أن هذا النوع من التعليم قد يخدم الطلبة ممن يقطنون في مناطق نائية أوالطلبة الذين يكونون خارج الدولة ومن ميزاته عدم التقيد بوقت معين للتدريس وقلة التكلفة المادية إلى جانب عدم وجود حاجة لمبنى مدرسي، وتنفيذ المنهج دون تقييد بجدول زمني محدد أو خطة تدريسية توزع على كامل العام الدراسي، لافتة إلى وجود عاملي الإثارة والتشويق من خلال استخدام منصات تعليم فردية وزوال الرهبة من المعلم كون التعليم يتم في محيط المنزل.

وتطرقت إلى السلبيات التي تحيق بالتعلم الذاتي وأبرزها عدم وجود معلم مؤهل ومتخصص، وضعف الإلمام بأساليب التدريس الحديثة ونظريات التعلم، وما يتبعه من غياب متابعة تنفيذ المنهج وفهمه وعدم قدرة الأم أو الأب على تدريس الأبناء بسبب الانشغال بظروف العمل أو واجبات المنزل وغياب التنافس بين الطلبة وأقرانهم وزيادة الأعباء على الوالدين بسبب تعدد المواد والمناهج الدراسية.

وقال مداح حسن، معلم في مدرسة الإبداع العلمي، إن التعليم المنزلي بات خياراً قانونياً للأسرة بدلاً من الالتحاق بالمدارس لدى العديد من دول العالم ومن بينها الإمارات، ومما يشجع الأسر على اختياره انتشار الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة التي أصبغت عليه سمات جديدة جعلته السبيل الأفضل لتعليم الأطفال في هذا القرن بالإضافة إلى شموله لجميع الجنسيات بالدولة، وبالنسبة لشرط سن القبول فيبدأ من عمر 15 سنة فأكثر، بدءاً من الصف السابع وحتى الصف الثاني عشر، ولاعتماد هذا الخيار رسمياً يشترط على طلبة المنازل اعتماد المنهاج المدرسي والتقدم لامتحانات نهاية كل فصل دراسي، ويتم التسجيل في هذا النظام بعد صدور إعلان التسجيل محدداً الفترة والإجراءات.

ويعتقد أن للموضوع عند تحليله إيجابيات وسلبيات لا يمكن التغاضي عنها ويجملها من وجهة نظره في عدة نقاط مستهلاً بحسنات النظام الذي بدأ يخطو بقوة ويجد لنفسه موطئ قدم لدى العديد من العائلات التي تدرسه كخيار رئيس لديها، ومنها سرعة التعلم واختصار الفترة الزمنية ما يُمكن من إنجاز تعلمهم في فترة قياسية مقارنة بما يقطعه أقرانهم في رحلة التعليم المدرسي من الصف الأول وحتى الصف الثاني عشر، كما يرى أن التعليم المنزلي يلبي ميول الطالب واهتماماته وهواياته بعيداً عن نمطية مناهج التعليم الأساسي، وهو بيئة آمنة للأبناء من حيث عدم تعرضهم للتنمر والمضايقات من أقرانهم في المدارس والتي تؤثر في شخصية الطالب وحياته مستقبلاً.

ولفت إلى ارتباط التعليم المنزلي بالأجهزة الإلكترونية والشبكات الاجتماعية ما يمنح للأطفال فرصة لبناء علاقات صداقة مع الآخرين أسوة بأقرانهم في المدارس، علاوة على التخلص من التكاليف المالية الباهظة التي ترهق كاهل أولياء الأمور والتي يقتضي عليهم دفعها في أقساط وإجراءات وتواريخ ملزمة، منوهاً بما سماه شمولية مصادر التعلم إذ يتيح التعليم المنزلي للأطفال الاطلاع على المكتبات ومصادر المعرفة في شبكة الإنترنت بالإضافة إلى المناهج الجاهزة وفرصة انخراط الأطفال في النوادي الرياضية والثقافية.

لكنه يجد أن للتعليم الذاتي جملة من السلبيات التي ينبغي العمل عليها وعلى رأسها الانخراط والانضباط والانصهار بمجتمع جديد، إذ إن النظام المدرسي يحتم على الطلبة الاستيقاظ باكراً ويمنحهم مهارات احترام الآخر، وكيفية التعامل معه، وهذا كله وسواه الكثير لا يوفره التعليم المنزلي، وغياب الخبرة في بناء المنهاج حيث إن المدارس توفر مناهج أفضل تخطيطاً مقارنة بالتعليم الذاتي فقد جرب نظام المدرسة واختبر منهجيات التدريس، ومصادر المعلومات الموثوقة، والتقييمات الموحدة، لافتاً أيضاً إلى غياب خبرات المعلمين التي تكسب الطالب مهارات وقدرات كافية في عملية التفكير النقدي وحل المشكلات والابتكار.

وركز على نقطة ضعف التنشئة والمهارات الاجتماعية التي قد يفوت التعليم الذاتي على الأطفال فرصة اكتسابها ذاتياً واختبار تجارب الحياة الواقعية كما يفوت عليهم فرصة المتعة والاستمتاع مع أقرانهم في الأنشطة اللاصفية ناهيك عن قلة عدد الأصدقاء، مشيراً إلى أن التعليم الذاتي الذي لا يعتمد المنهاج الرسمي للمدرسة غير معترف به، وبالتالي لا يحصل الطالب على شهادة رسمية، وليس بإمكانه الالتحاق بالجامعة، وبما أن المجتمع يقيم الناس حسب شهاداتهم وليس حسب مهاراتهم وخبراتهم فسيجد الطالب الذي تعلم في المنزل صعوبة في الحصول على وظيفة، وفي الغالب عليه أن يقوم بإنشاء مشروعه الخاص.

أكد الدكتور آشوك كومار مدير المدرسة الهندية الثانوية في دبي، أن مدرسته تطبق مشروع «رحال» وحصدت الكثير من النتائج الإيجابية من خلال المرحلة الأولى التي طبقت العام الماضي، حيث خلق المشروع مساحة لإبداع الطلبة في هواياتهم ومنحهم فرصاً للتعلم الذاتي من خلال الانخراط في دورات تدريبية تعود عليهم بالفائدة.

وقال إن فتح المجال أمام طلبتنا للتعلم خارج الفصول الدراسية بأسلوب غير تقليدي يعزز من أدائهم وإنجازاتهم الشخصية، كما يعكس في الوقت ذاته مستقبل التعليم في دبي، معرباً عن سعادته بالتعاون مع فريق عمل هيئة المعرفة والتنمية البشرية ضمن مشروع «رحال» والذي يشكل نقلة نوعية في قطاع التعليم، وذلك لما يمثله من فرصة لتصميم تجربة التعلم تبعاً لاحتياجات كل طالب.

ويرى الدكتور ماهر حطاب مدير مدرسة الشروق الخاصة في دبي أن التعليم الذاتي تجربة إبداعية، ذات رؤية عميقة بعيدة المدى، وهدفها رفع مستوى كافة أفراد المجتمع الإماراتي وتحسين مستوياتهم على اختلاف أماكنهم وتواجدهم وظروفهم وهذه الرؤية السباقة لا تنبع إلا من قيادة ترعى أبناءها بشكل حقيقي، قيادة مهتمة بطلبتها، وتصر على تحقيق السعادة من خلال التعليم والتعلم لكل أفراد المجتمع من دون استثناء.

ووضع حطاب «التعلم الذاتي» في خانة التفرد كونه تجربة نادرة وحكيمة تعبر عن اهتمام بمصالح أفراد المجتمع وتطورهم العلمي،علاوة على أن التعليم عن بعد أو ما يعرف بالتعلم الذاتي هو تحد كبير، وهذا التعلم عن بعد قد يكون مجرد شعار للآخرين، لكن في الإمارات هو واقع وحقيقي، مؤكداً أن النتائج ستكون مرضية بشكل كبير كونها تخضع لمعايير ذات جودة عالية ومتابعة وتحليل للنتائج وتقييم للأداء، معتبراً نجاح التعلم الذاتي مقروناً بإجراءات دقيقة للتقييم والمتابعة والتحليل للنتائج. وقال إن التعليم الذاتي أصبح هدفاً كبيراً لأنه مؤثر وفعال كونه جهداً يعتمد على المتعلم ورغبته وحرصه على التعلم ويتوافق مع مستويات واهتمامات قدرات المتعلم.

وقال خالد خضر معلم لغة إنجليزية إن التعليم الذاتي ركيزة من ركائز التعلم الحديث، حيث ينهل المتعلم ما يشاء وكيفما يشاء في كافة الأوقات، ويعد تجربة فريدة للأسرة بكل المقاييس، بيد أنها تحتاج لضوابط وأطر من قبل الجهات المختصة، فوزارة التربية والتعليم وهيئة المعرفة لديهما من الخبرات والإمكانات ما يساعد هذه الأسرة على المضي قدماً في تجربتها من خلال الإشراف على المناهج المتبعة.

ينطلق مشروع «رحّال» ضمن مبادرة دبي X 10 من توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لجميع الجهات الحكومية في دبي بأن تطبق اليوم ما ستطبقه مدن العالم الأخرى بعد عشر سنوات.ويعمل مشروع «رحّال» على تعزيز فرص التعليم لجميع أفراد المجتمع، سواء أكانوا أطفالاً أم بالغين، وسوف يدعم المتعلمين من أصحاب الهمم، والطلبة الموهوبين وأصحاب القدرات الخاصة؛ كما سيقدم خيارات متنوعة أمام أولياء الأمور، في مسيرة تعليم أطفالهم.

يتبنى مشروع رحّال رسالة بسيطة مفادها أن العالم بأسره فصل دراسي يزخر بأنواع شتى وأساليب متنوعة للتعلم، كما أن رحال بمثابة المحرك الذي يمكّن أي فرد أو مؤسسة من أن يصبح مزوداً للتعلم تبعاً لمتطلبات وأهداف واضحة، وتحويلنا جميعاً إلى متعلمين مدى الحياة.ويركز المشروع على تهيئة الطلبة لاختبارات الحياة وليس لحياة من الاختبارات، حيث يتيح للمؤسسات التعليمية ومزودي الخدمات تقديم خدمات شتى لتوسيع المعارف والمدارك، علاوة على أن جميع فرص التعليم ضمن المشروع تحظى بموافقة واعتماد هيئة المعرفة والتنمية البشرية في حكومة دبي.

ويوفر «رحال» حلاً إبداعياً ومبتكراً للتعليم، حيث يبرز الأفضل داخل المجتمع، ويعترف بالتعليم أينما كان، وهو عبارة عن منصة تساعد على دمج التعليم بالحياة.

تعتبر مبادرة دبي X 10 منهج عمل للانتقال بدولة الإمارات ودبي نحو ريادة المستقبل، عبر تبني تكنولوجيا المستقبل وتغيير المفاهيم التقليدية في آليات العمل وإعادة صياغتها، بما يتناسب والتغييرات التي يشهدها العالم، وتسعى المبادرة للتعاون مع الجهات المعنية في حكومة دبي إلى تبني نماذج جديدة لحكومات المستقبل بإحداث تغيير شامل في منظومة العمل الحكومي.ويعمل مختبر التشريعات على خلق بيئة تشريعية موثوقة وشفافة، واستحداث تشريعات جديدة أو تطوير التشريعات الحالية، وتنظيم عمل المجالات الحديثة والقائمة على التكنولوجيات المتقدمة.

كشفت وزارة التربية والتعليم، عن إطلاق معايير جديدة لترخيص مؤسسات التعليم العالي في الإمارات واعتماد برامجها، وذلك بهدف تحقيق توجهات الدولة في ضمان جودة التعليم وفق أحدث المعايير الدولية، وتعزيز السمعة العالمية المرموقة لمؤسسات التعليم العالي داخل الدولة، وترتكز معايير الترخيص والاعتماد الجديدة على 11 جانباً من الجوانب الأكاديمية والإدارية في مؤسسات التعليم العالي، تشمل: الحوكمة والإدارة، وضمان الجودة، والأنشطة العلمية والبحثية، والطلبة، وأعضاء هيئة التدريس، والمرافق التعليمية، والصحة والسلامة والبيئة، والامتثال القانوني والإفصاح العام، والمصادر التعليمية، والقدرات المادية للمؤسسات التعليمية وقابليتها للاستمرار، بالإضافة إلى خدمة المجتمع والنزاهة.

أكد متخصصون في التكنولوجيا التعليمية أن نجاح منظومة التعليم الذاتي مرتبط إلى حد كبير بالحلول التكنولوجية، مشيرين إلى ضرورة إرساء منهجية واضحة لرفع مستوى التوعية بمفهوم التعليم الذاتي.

وقال علي شبدار مدير تطوير الأعمال في شركة زوهو للتكنولوجيا التعليمية، إن التكنولوجيا تلعب دوراً مهماً في دعم منظومة التعليم الذاتي، حيث تتيح الحلول التكنولوجية للطلبة إنشاء تطبيقات شبكية وتطبيقات خاصة بالأجهزة المحمولة، ما يمنح الطلبة المهارات اللازمة للنجاح كروّاد أعمال وأصحاب مشاريع ومزوّدي حلول بعد التخرّج.

وأضاف: «توجد حالياً الكثير من التطبيقات القوية والمرنة التي تلبي مختلف احتياجات الأعمال، وجميع هذه التطبيقات يمكن الوصول إليها عبر حساب واحد وتتميز بتصميم شائع وسهل الاستخدام، ما يجعل عملية التعّلم في غاية السهولة، وهذا ينطبق على الطالب حين يريد أن يتعلم، حيث يمكنه استخدام التطبيق الأساسي ومن ثم بناء مزايا وخصائص إضافية على التطبيق تساعده في عملية التعلّم الذاتي وبفضل التكنولوجيا، وتوجد موارد شاملة على الإنترنت توفر ثروة من المعلومات، الأمر الذي يسهّل على الطلبة عملية انتقاء المواضيع ذات الصلة بسرعة كبيرة والعمل على وضع حلول لمشكلاتهم بطرق فعالة ومبتكرة».

ولفت إلى أن المنصات الإلكترونية، التي تتميز بواجهة استخدام سهلة، تتيح زيادة كفاءة عملية التعلم الذاتي للموظفين، من خلال احتوائها على وثائق شاملة، بجانب الدعم التقني الذي توفره كبرامج الدردشة والرسائل الإلكترونية، ما يسمح للموظفين بالتعلّم بسرعة وفاعلية، كذلك توفر التكنولوجيا يوماً بعد يوم المزيد من المواد التعليمية التي يتم تحديثها بشكل دوري لمواكبة أحدث التطورات واتجاهات الأسواق والقنوات، الأمر الذي يعزز من مستويات التعلّم الذاتي لدى الموظفين وبالتالي تحسين كفاءتهم وإنتاجيتهم، وكذلك لدى الطلبة من خلال تحسين تحصيلهم العلمي.

واعتبر ساتشن بهارتي، الرئيس التنفيذي لشركة الحلول التعليمية نوليج بلانيت التعليم الذاتي شريكاً في إحداث ثورة في الطريقة التي يتعلم بها الطلبة في المنزل، لكن يتعين في البداية إرساء منهجية واضحة لرفع مستوى التوعية بمفهوم التعليم الذاتي في أوساط الطلبة أو الموظفين حتى يتمكنوا من الحصول على فهم معمق وبالتالي ممارسته وفق الآليات الصحيحة.

وقال: يتيح التعلم الذاتي التعمّق أكثر في المواضيع التي يسعى الطالب إلى دراستها، واكتساب فهم كامل حول نطاق موضوع محدد وتطبيقاته، ويعقب هذه المرحلة ممارسة واسعة واختبارات متعددة، ما يعزز من مهارات الطالب في حل المشكلات وقدرته على التفكير وتحليل الأمور بشكل منطقي، ويسهّل عليه عملية إتقان المحتوى الأكاديمي الحالي والمستقبلي، الأمر الذي يجعلهم أكثر إنتاجية وكفاءة في دراساتهم، وتعد «الممارسة» من أبرز النقاط المهمة في ما يخص التعلم الذاتي، الذي يتسم بالصعوبة في البداية لكن سرعان ما يصبح من أسهل التجارب التي يمكن للطالب القيام بها.

ونوه بأن التعلم الذاتي يمثل منهجية فريدة في التعلّم، تتيح للطالب اختبار حل عدة مشكلات متعلقة بموضوع معين، وفق ترتيب تصاعدي في الصعوبة، ما يعزز مع الوقت الثقة بنفسه إلى جانب توسيع نطاق أفق تفكيره وتهيئته لمواجهة تحديات المستقبل.

أكد أولياء الأمورأن منظومة التعليم الذاتي فكرة رائدة إلا أنها تحتاج إلى آليات وضوابط.وقالت تغريد علي إن التعليم المنزلي قد يشكل طوق النجاة للأسر محدودة الدخل التي قد تؤدي ظروفها الاقتصادية إلى عدم الحاق أبنائها بالمدارس، ما يحرمهم من حقهم في التعلم ونيل الشهادة أسوة بأقرانهم، لافتة إلى ضرورة وضع آليات وضوابط للتعليم الذاتي بحيث يكون محكوماً بإطار رسمي تشرف عليه وزارة التربية والتعليم.

بينما رأى أحمد عبد الله حزين أن التعليم المنزلي قد يخلق حالة من الفوضى ويحرم الطالب من المجتمع المدرسي الذي يعتبر بحد ذاته بيئة خصبة للتعليم ويجعله محصوراً فقط في محيط أسرته ما يمكن أن يؤدي إلى مشكلات اجتماعية جمة لا تظهر آثارها بشكل آني وإنما ستكون منظورة بعد سنوات قليلة، مشيراً إلى أنه خيار جيد لمن لديهم ظروف اقتصادية أو اجتماعية معينة.

ومن جهتها قالت مها سليم محمد أم لطالبين ينخرطان في مبادرة التعلم الذاتي، إن هذه المنظومة يستطيع الطالب من خلالها تحديد ما يستطيع دراسته مستقبلاً، وتقلل تكلفه الالتحاق بالمدارس كما تساهم في توسيع آفاق الطلاب ومنحهم عدة خيارات للدراسة وتؤهلهم إلى دراسة ما يرغبونه مستقبلاً.

وأوضحت أنها أول من أقبل على تطبيق تلك المبادرة ضمن مشروع «رحال»، و قد اطمأن قلبها بعد إصدار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تشريعاً بشأن التعلم عن بُعد، ضمن «رحال»، التابع لهيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، حيث يسمح التشريع بإنشاء مدارس للتعليم عن بُعد، واعتماد التعليم عن بُعد وسيلة معترفاً بها أكاديمياً لاكتساب المعارف، وكذلك اعتماد مخرجات مشروع «رحال» للقبول في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي. ولفتت إلى أن التعليم الذاتي يشكل رافداً تعليمياً مميزاً لأجيال المستقبل كونه يستهدف الساحات الميدانية وتوجهات الأبناء نحو الدراسة المستقبلية الجامعية.

منح برنامج «رحال» الفرصة للطالب دانيش جورج ماثيو الذي يدرس في المدرسة الهندية العليا فرع عود ميثاء، المطبقة لبرنامج «رحال» ضمن مبادرة دبي X 10، الفرصة لممارسة رياضته المفضلة وهي السباحة وإتاحة الفرص التعليمية له في أي مكان وفي كل وقت، كون البرنامج يوفر تصاميم مبتكرة تتيح التعلم تبعاً لاحتياجات كل متعلم، وتعد المحرك الرئيس لمستقبل التعليم والتعلم في دبي.

وكان دانيش ماثيو الذي يدرس في المرحلة الثانوية من أول المستفيدين من الخدمات التي يطرحها المشروع، ومن بينها إتاحة فرص التعلم خارج المدرسة، وخلقت له الفرص لخوض منافسات وبطولات دولية لتحقيق حلمه.

وبعد مرور أشهر من انخراطه في المشروع كثف جهوده في تدريبات السباحة وخاض بطولات توّجته ليكون من الثلاثة الأوائل في قارة آسيا في السباحة، والأول في دولته الهند.

وقال دانيش ماثيو، إنه حصل على دعم كبير من مدربه المباشر وأسرته التي أهلته ليكون لائقاً لمستوى الأولمبياد، وتحقيق حلمه، ويسعى الطالب من خلال استمرار مشاركته في «رحال» للتأهل إلى أولمبياد 2020 التي ستقام في العاصمة اليابانية طوكيو، ومن ثم التأهل إلى مستوى متوسط لأولمبياد 2024.

ولفت إلى أن انتسابه لمشروع «رحال» ساعده في الدوام المرن ومنحه فرصة للسفر إلى الخارج، بالإضافة إلى مرونة في متابعة مهامه الدراسية، موضحاً أن مدرسته ومعلميه يحرصون على توفير ما فاته من دروس ويوفرون له كافة الأدوات اللازمة للفهم والاستيعاب وإنهاء المقررات الدراسية.

ونوه بأن المدرسة تحرص على عمل فصول إضافية كجانب من الدعم عند عودته من المعسكرات الخارجية أو المنافسات التي تقام خارج الدولة، بالإضافة إلى أن مشرفه المباشر يساعده في إنهاء ما فاته من حصص سابقة أو دروس.

ولفت إلى أنه كاد يترك الرياضة في سبيل المحافظة على الدراسة في وقت كانت تلزمهم المدرسة بالحضور وعدم الغياب ليوم واحد حتى لا يؤثر ذلك في التحصيل الدراسي، وبعد الإعلان عن مبادرة «رحال» تجدد الأمل بداخله، وشعر أن تلك المبادرة جاءت لتسانده في تحقيق حلمه.

 

(البيان)

إغلاق