اخبار التعليم
الأمية الخطر الذي يهدد العالم العربي
صورة قاتمة تلك التي ترسمها الإحصائيات العالمية عن الأمية في العالم، حيث تشير إلى أن واحدا من كل خمسة أشخاص على الأرض أمي بالفعل، وأن ثلثي الأميين هم من النساء، كما أن درجة هذا الخطر ترتبط بمفهوم كل مجتمع حول الأمية، فيرى كثير من الناس أن وجود نسبة معينة من الأمية هو أمر مفروغ منه وطبيعي ولا يشكل هاجسا لدول العالم.
بينما ترى المنظمات العالمية المهتمة بالتعليم بأن هناك ارتباطا وثيقا بين عدم القدرة على القراءة لدى الفرد وارتفاع نسبة المرض والفقر والموت لدى الأطفال، فالمجتمعات التي بها نسبة أمية كبيرة هي عادة مجتمعات ترتفع فيها مؤشرات الظواهر سالفة الذكر. فالفقر وعبء المرض يرتبطان مباشرة بالأمية، حيث تعرف قارة إفريقيا أكبر معدل من الأمية بلغت نسبته 60%، كما أن معدل التركيز على برامج محو الأمية بلغ 98% في ثلاث مناطق هي: جنوب وغرب آسيا وإفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى. فبرامج محو الأمية تعتبر عاملا أساسيا وضروريا لتشكيل نواة التعليم الأساسي والذي بدوره يقضي على الفقر ويخفض وفيات الأطفال ويحد من انتشار الأمراض وبالتالي تحقيق المساواة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
الدول العربية بدورها ليست بعيدة عن خطر الأمية، فقد أشارت بعض المنظمات العالمية إلى أن المنطقة العربية هي رابع منطقة تستهدفها هذه المنظمات فيما يخص برامج محو الأمية، حيث أن آخر الإحصاءات تشير إلى أن 19% من العالم العربي أمي، وأن النسبة الأكبر تمثلها النساء، أي أن عدد الأميين يبلغ نحو 96 مليون نسمة. تعود الإحصائية السابقة إلى سنة 2014 ومصدرها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو)، وتشكل النساء من ذلك العدد نسبة 61%، إذا عرفنا أن عدد سكان الدول العربية بلغ قرابة 354 مليون نسمة، حيث يُلِم قرابة 257 مليون منهم فقط بالقراءة والكتابة.
ويشير برنامج التنمية البشرية للأمم المتحدة في 2010م أن أعلى الدول من حيث نسبة المحصلين القادرين على القراءة والكتابة ونحوهما هي كوريا بنسبة 99.8% وأقلها بوركينافاسو بنسبة 23.6% بالمرتبة 177 عالميا. أما في الدول العربية، فتأتي فلسطين الأولى بنسبة 96.5% في المرتبة 79 عالميا، وموريتانيا أخيرة بنسبة 51.2% في المرتبة 158 عالميا، علما أن بعض الدول العربية لم يشملها التقرير مثل: الصومال، وجزر القمر.
1- تعريف الأمية:
من خلال هذه المقدمة التي أعطتنا تصورا عاما عن واقع الأمية في العالم بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص، دعونا نتعرف على مفهوم الأمية وأنواعها كمدخل للتعرف على الأسباب التي أدت لانتشارها في العالم العربي وسبل علاجها.
تعرف الأمم المتحدة الأمية بأنها:
عدم القدرة لدى الفرد على قراءة وكتابة جمل بسيطة كيفما كانت اللغة، أي ضعف المستويات الأساسية للقراءة والكتابة.
ويعرف معجم المعاني الجامع الأمية: “اسم مؤنَّث منسوب إلى أُمّ من لا تقرأ ولا تكتب، أي غير متعلِّمة ونقول فتاة أمِّيَّة. مصدر صناعيّ من أُمّ : جهالة أو غفلة، عدم معرفة القراءة أو الكتابة. مكافحة الأميّة/محو الأميّة: نشاط منظَّم يهدف إلى نشر التعليم.
2- أنواع الأمية:
الأمية ليست فقط أمية القراءة والكتابة فهناك أنواع مختلفة أخرى ظهرت مؤخرا مع التقدم والتطور العلمي والمعرفي والتقني، تتمثل فيما يلي:
- الأمية الهجائية ( الأبجدية).
- الأمية الأيديولوجية.
- الأمية الوظيفية.
- الأمية الحضارية.
- الأمية المهنية.
- الأمية البيئية.
- الأمية الثقافية.
- الأمية العلمية.
- الأمية المعلوماتية.
3- أسباب انتشار الأمية في العالم العربي:
هناك عدة أسباب جعلت العالم العربي يخفق في القضاء على الأمية نذكر منها:
-
- الزيادة السكانية في العالم العربي والتي يقابلها ضعف الأنظمة التعليمية وعدم تطبيق التعليم الإلزامي في معظم الدول العربية.
- ضعف خطط الحكومات في الدول العربية بشأن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية والتربوية، وضعف الإجراءات المتخذة بشأن محو الأمية وتعليم الكبار.
-
- تدني مستوى المعيشة وانخفاض مستوى الدخل في معظم الأسر العربية.
- ضعف التشريعات التي تلزم الأميين بالالتحاق بالتعليم بسبب نقص شعور المسؤولين بخطورة الأمية.
- ضعف ميزانيات التعليم في الدول العربية مقارنة بميزانيات التسلح وميزانيات الإنفاق على الإعلام.
- اتجاه التنمية في العالم العربي إلى الاقتصادات الريعية التي تركز على الاستهلاك أكثر من الإنتاج.
- ضعف برامج محو الأمية في العالم العربي والتي تستخدم عادة الأساليب والاستراتيجيات القديمة دون الاستفادة من التقدم العلمي والتقني في هذا المجال.
- اختلاف مفهوم الأمية بين الدول العربية مما تسبب في اختلاف التوجهات والبرامج والرؤى.
- عدم وجود دراسات جادة وحقيقية تعطي التصور الحقيقي لنسبة الأمية في كثير من الدول بالإضافة الى التضليل الإعلامي الذي تستخدمه كثير من الدول فيما يخص واقعها التنموي والتعليمي.
- حالة الحرب التي تعرفها العديد من الدول العربية والتي أدت إغلاق المدارس في وجه الأطفال وأمام المستفيدين من برامج محو الأمية.
- ظهور قضايا جديدة أصبحت ذات أهمية قصوى بالنسبة للحكومات مثل: الإرهاب، العنصرية، والطائفية، والأقليات، وذلك على حساب تطوير البرامج التعليمية والمناهج التربوية.
- التوجه العام للمنظمات الإنسانية والعالمية ركز على معالجة قضايا الفقر والمرض ونقص الغذاء بدل الاهتمام بالتعليم ومحو الأمية مع أنه الطريق الأفضل لعلاج تلك القضايا.
4- طرق ومقترحات لعلاج ظاهرة الأمية:
هذه بعض من الطرق المقترحة لمعالجة الأمية في العالم العربي:
- تطبيق التعليم الإلزامي من سن مبكرة.
- تقديم خطط حقيقية وبرامج فاعلة للأميين الكبار وتشجيعهم.
- نشر الوعي الثقافي بأهمية التعليم بين أفراد المجتمعات العربية.
- إجراء المزيد من الدراسات والبحوث التي تناقش هذه الظاهرة تشخيصا وتطويرا ومعالجة.
- الاستفادة من المؤسسات والمنظمات النشيطة في هذا المجال والاستعانة بتجارب الدول التي استطاعت التغلب على الأمية.
- الاستفادة من التقدم العلمي والتقني لمواجهة هذه الظاهرة عبر استخدام الأجهزة الذكية و شبكة الإنترنت.
- تفعيل دور المنظمات العربية ومؤسسات التعليم الأهلي للمساعدة في وضع الخطط وتبني المبادرات الجادة لعلاج الظاهرة.
- تفعيل دور العمل التطوعي في نشر التعليم ومساعدة المجتمعات على رسم خطط واضحة وشاملة لمواجهة الظاهرة والتغلب عليها.
- وضع المعايير والأهداف المرحلية للقضاء على هذه الظاهرة بناء على المعايير العالمية وإعادة صياغتها بما ينسجم وطبيعة الدول العربية.
- نشر ثقافة الوعي بالهوية وتحقيق مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية واحترام الأديان والتنمية المستدامة.