اخبار التعليم
تأثير المعززات التربوية في الصحة النفسية المدرسية
تُمثل الصحة النفسية المدرسية منذ أقدم العصور أحد المتغيرات الضرورية التي حظيت بالاهتمام، وبالرغم من أن ذلك المصطلح يعتبر مغايراً لما هو معروف عليه اليوم، فقد عرف الإنسان الأمراض النفسية منذ أن وجد على أرض المعمورة، وكان للكهنة والفلاسفة والمفكرين والأطباء ورجال الدين على مر العصور رأيهم وعملوا على تشخيص وعلاج المرض النفسي والعقلي.
مفهوم الصحة النفسية:
ارتبط مصطلح الصحة النفسية ارتباطا وثيقا بالطب النفسي، وقد ورد مصطلح الصحة العقلية لأول مرة في العام 1908م في كتاب “عقل قد وجد نفسه” لمؤلفه كليفورد بيرز. ومن بين الذين تأثروا بهذا الكتاب عالم النفس وليم جيمس، لينتقل المصطلح بعد ذلك إلى اللغة الألمانية، إلا أنه مع التقدم والتغيرات المستمرة تحول هذا المصطلح الى الصحة النفسية بعد أن كانت تعرف بالعلاج والعناية بالعقول أصبحت علاج النفوس والعناية بها، وأيضاً أصبح الاضطراب النفسي أشمل من الاضطراب العقلي.
ويعّد كتاب الصحة النفسية لمؤلفيه بريزينا وسترانسكي 1931م أول كتاب يذكر فيه مصطلح الصحة النفسية بشكل صريح بدلاً من الصحة العقلية، وتناول أيضاً نوعا من الاضطرابات أطلق عليها الاضطرابات النفسية الجسمية.
وقد عرَّف دستور منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية بأنها: “حالة من السعادة الكاملة جسمياً وعقلياً واجتماعياً ولم تكن مجرد الابتعاد عن المرض أو عاهة من العاهات، ويشير المؤتمر العالمي للصحة النفسية، إلى أن مفهوم الدرجة القصوى من الصحة النفسية لا يشير الى الحالة المطلقة أو المثالية بل هي تعني الوصول الى أفضل حالة ممكنة وفقاً للظروف المتغيرة “، وعلى هذا تفسر الصحة النفسية بأنها حالة الفرد التي تتناسب وقابلياته من جهة ومحيطه الاجتماعي من جهة أخرى”. (منظمة الصحة العالمية، 2005م: 16)
الصحة النفسية المدرسية والعملية التربوية:
كون أن التربية تتداخل في مناحي الحياة البشرية؛ فقد كان لها أثر على مجال الصحة النفسية ودخلته من أوسع أبوابها. فالصحة النفسية تشكل أهمية بالغة في المجال التعليمي، والتربية من مهامها إعمال العقل في الأشياء المفيدة. وللمحافظة على صحة هذا العقل لا بد من تدعيمه بمعززات ومغذيات تربوية بصورة نفسية وصحية؛ لينعكس بصورته الإيجابية على أداء الطلبة داخل المؤسسة التعليمية بشكل خاص.
فالصحة النفسية للطالبات جزء متكامل مع الصحة العمومية حيث تتحدد كلٌ من الصحة النفسية، والاعتلالات النفسية لهم بعدة عوامل متداخلة نفسانية وبيولوجية واجتماعية كصحة أو اعتلال بصفة عامة. كما ويتصاحب مع تلك الحالات مدى التقدم والتطور والتأخر للمؤسسات التربوية داخل البلاد، وهو ما جعل المنظومات التربوية تعيد النظر في مستوياتها الخدماتية التربوية من أجل صحة نفسية أفضل عن سابقه. (أبو عال، 2016م)
دور المعلم والصحة النفسية:
يعُد المعلم والمشرف التربويّ من أهم الكوادر التربوية الداعمة والمعززة في هذا الجانب من أجل سلامة وصحة الطلبة النفسية، حيث تظهر آثار تلك الصحة من خلال نشاط الطلبة العقلي وتحصيلهم العلمي وهو ما يجعلنا واثقين من فاعلية الصحة النفسية للطلبة، حيث تجلب الراحة والسكينة الداخلية للطفل تجعله في حالة عطاء وتميز وتدفع به نحو الإبداع والتطوير وتجنبه كافة أشكال الصراعات والأمراض النفسية التي كثيراً ما يتعرض لها الطلبة خلال مسيرتهم التعليمية ومن أبرزها، الاكتئاب، الخمول، والكسل.
وقد تظهر مظاهر الصحة النفسية من عدمها على الطلبة من خلال السلوكيات الطلابية المرافقة لهم، كالضحك المفاجئ، البكاء، التنمر، الضرب، وغيرها… وتعد جميعها دلائل على تلك الصحة النفسية لدى الطالب ومدى امتلاكه وافتقاره لها. (بوفاتح، بن عون، 2017م)
الصحة النفسية المدرسية :
تتأثر الصحة النفسية المدرسية للطلبة بالعديد من العوامل النفسية والتجارب والتداخلات الاجتماعية وبالبنية المجتمعية والموارد والقيم الثقافية، وتؤثر عليها تجارب الحياة اليومية في المدرسة، مما يهدد سلامة الطفل داخل أسرته ومدرسته ومجتمعه الأمر الذي جعل التربويين يشددون على أهمية الصحة النفسية المدرسية وتسليط الضوء عليها والتفريق في مستوياتها. فالطالب ذو الصحة النفسية المتوسطة ليس كمثل الطالب الصحيح أو السليم صحياً ونفسياً، فصحة الطالب دون صحة نفسية مدرسية هي صحة ناقصة كل النقص.
ولا ننسى أن المعززات التربوية من أهم أساليب الاهتمام بالصحة النفسية للطلبة، التي تبعد عنهم العديد من المشكلات التي هم في غنى عنها، ومن أبرزها الخجل، الاكتئاب، الاضطراب النفسي، القلق المدمر، جراء الاختبارات و ضعف الثقة بالنفس وغيرها.
ومن هنا على المعلم وكافة العناصر الفاعلة في إدارة وتوجيه الصحة النفسية للطلبة الاهتمام بقيامها بعملها بصورة فعالة، فدورها يعد عملاً رائع وانجازاً حقيقياً في عالم التربية والتوجيه والتعليم ايضاَ.
وختاماً، تعتبر الصحة النفسية المدرسية بكافة أعمالها ومهامها رسالة تربوية من أجل العمل سوياً لصحة تربوية وصحية ونفسية لطلبة خالين من كافة الأمراض والسلوكيات النفسية التي قد تؤثر على مستقبلهم لاحقاً، وهو ما يجعلنا متأملين وطامحين لكوادر تربوية محفزة على الصحة باعثة روح السلام والطمأنينة في الحياة التعليمية مخففة من الصعوبات التربوية والحياتية قدر المستطاع ليحظى طلابنا بحياة علمية هادئة وسالمة.
تعليم جديد