افكار ومهارات
تنمية مهارات التدريس: السمات الأخلاقية للمعلم المثالي
إن العمل في مهنة التدريس رسالة لا تعلوها رسالة، وعمل اختار له الله رسله، فعلينا -معشر المعلمين- أن نكون أهلا لتلك الرسالة العظيمة، وحسبنا من إحسانها أننا نترك صدقةً جاريةً، وعلمًا ُينتفع به، وولدًا صالحا يدعو لنا (طلابنا). وإذا كان هذا الكلام ينطبق على مهنة التدريس عامة، فإنه يخص تدريس اللغة العربية خاصة، لأنها لغة القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، ولغة الحضارة الإسلامية التي حَوَت في طياتها إرثًا طويلا نهلت منه الحضارات الإنسانية كافةً.
1-الفئة المستهدفة:
تستهدف سلسلة المقالات الفئات الآتية:
- معلمي المواد الدراسية كافة.
- معلمي اللغة العربية.
- معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها.
- معلمي اللغة العربية الأجانب.
- المشتغلين بمهنة التدريس من غير المعلمين.
2- أهداف السلسلة:
تعرف مهارات التدريس بأنها: “قدرة المدرس على أداء مهمات التدريس وممارستها بفعالية وإتقان”. ومن ثم نجد بعض المعلمين يسعون لإتقان عملهم ولكنهم لا يعرفون ما ينقصهم لتحقيق ذلك، ونجد أيضا بعضهم يؤدون عملهم جيدا ولا يعرفون ما أسباب ذلك، حتى أن بعضهم يشرحون درسا في صف ما شرحًا رائعًا، بينما يشرحون الدرس نفسه مع مجموعة أخرى من الطلاب شرحًا سيئًا ولا يعرفون السر وراء ذلك!
إن السر وراء ذلك كله هو مدى إدراك المعلم لمهارات التدريس، وقدرته على التخطيط لها وتطبيقها، فكثير من المعلمين ناجحون في أدائهم التدريسي على الرغم من عدم دراستهم لعلوم التربية، ويرجع ذلك إلى ممارسته الطويلة لمهارات التدريس بالمحاولة والخطأ دون تخطيط، حتى وصل إلى أفضل أداء ممكن، لكن… كم من الوقت استغرق هذا…؟
و في هذا الإطار، تسعى هذه السلسلة إلى تنمية قدرات المعلم بمنهجية علمية مبسطة تطبيقية، تعتمد على تبسيط المفاهيم باستخدام الأشكال والصور والتجارب الحقيقية، بهدف تنمية قدرات المعلم في المهارات الآتية:
- مهارة صياغة الأهداف التعليمية.
- مهارة التقويم.
- مهارة بناء الاختبارات.
- مهارة إنتاج الوسائل التعليمية
- مهارة إثارة الدافعية.
- مهارات التفاعل الصفي بما تتضمنه من مهارات فرعية مثل: (التهيئة، التمهيد، استخدام الأسئلة، التعزيز، الصمت، الاحتواء والمتابعة، طرائق التدريس، تنويع المثيرات، التلخيص والغلق).
السمات الأخلاقية للمعلم المثالي
مهنة التدريس كسائر المهن الأخرى تحتاج إلى إعداد خاص يؤهل المعلّم ويعده، وتعمل المؤسسات التربوية على إعداد لغوي ومهني وتربوي للمعلم ليؤدي عمله على أكمل وجه، وبجانب ذلك لا بد من اكتسابه لبعض السمات الأخلاقية والمهنية والشخصية، وفيما يلي تفصيل للجانب الأول، على أن نتطرق للجانبين الآخرين في المقال المقبل إن شاء الله.
السمات الأخلاقية للمعلم المثالي هي الجوانب التي تتعلق بأخلاق المعلم، وتتضمن النقاط التالية:
1- الإخلاص وبذل الجهد في العمل، فلا يقصد المعلم بعمله إلا وجه الله الكريم؛ فيحوز بذلك التوفيق في عمله في الدنيا، ورضا الله في الآخرة، وفي ذلك السياق لا أنسى تلك المعلمة التي جاءها نذير بوجود تفتيش على المدرسة، وطلبوا منها أن تؤهل نفسها وتزيد استعدادها لتلك الزيارة أو التفتيش، فقالت: “لن أبدل شيئا أكثر مما أفعل، فحالي في وجود التفتيش كعدمه”.
2- الصدق والأمانة في كل ما يقدمه المعلم لطلابه من علم وأخلاق، سواء أكان فيما يتعلق بالجانب العلمي للمادة، أم الجانب الحياتي، فلا ينطق المعلم إلا صدقا، وأذكر في ذلك الإطار جدلا طويلا بين طالبين؛ أحدهما يؤكد على صحة معلومة، والآخر ينفيها بشدة لأن المعلم أخبره بعكسها، وكانت صدمة الطالب الثاني حينما تأكد له خطأ أستاذه الذي لم يَصدُق في حديثه، أو صدم في خلق من أخلاق معلمه التي كان يتظاهر بغيرها.
3- الصبر على الطلاب وخاصة الضعفاء والمتأخرين دراسيا، مما يحدث أكبر الأثر في إقبال الطلاب على التعلم عامةً، وعلى معلمهم خاصةً، ويذكر الطلاب صراحة في بعض الاستبانات أن من أهم أسباب إقبالهم على معلم ما -رغم علمهم بقدراته المحدودة- كونه يصبر عليهم في تعلمهم، وفي أخطائهم، وفي تقويمهم …إلخ.
4- التواضع الذي يخلق اللين لدى المعلم بحيث يكون سهلا محبوبا، فيقبل عليه الطلاب دون حرج، ويسألونه دون تردد.
5- الرحمة والتسامح أبقى لمودة الطلاب نحو معلمهم، بحيث يختار اللين على الشدة، والرحمة على القسوة، ومما يبقى في أذهان الدارسين نحو المعلم رحمته بهم.
6- العدالة في المعاملة فلا يحابي الطلاب الأذكياء أو الأغنياء أو فئة على غيرها، ومن أهم الانتقادات التي يأخذها الطلاب على معلميهم تمييزهم لبعضهم على بعض.
7- احترام الطلاب، والحفاظ على مشاعرهم، فلا يحرج المعلم أحدا من طلابه، ولا يسخر منهم؛ لأن ذلك يحدث فجوة كبيرة بينه وبينهم.
8- المعلم قدوة، ولذلك عليه إحسان استخدام الأشياء حوله بحكمة مما ينعكس بالضرورة على سلوك طلابه، كما يلي:
أ- حسن استخدام الأدوات والأشياء:
إذا أحسن المعلم استعماله للأدوات المحيطة به انعكس ذلك على الطلاب، والعكس صحيح، فنجد كثيرا من المعلمين يلومون طلابهم على سوء استعمالهم للأشياء والأدوات، في حين أنهم أنفسهم يفعلون ذلك، وهنا يجب على المعلم أن ينتبه إلى:
- حسن استخدام الأجهزة كالحاسوب، السماعات، الأدوات الكهربائية.
- الحفاظ على البناية والأثاث؛ كالجدران والنوافذ والأرضيات والكراسي والمكاتب والطاولات.
- ترشيد استخدام الأدوات المكتبية كالأوراق والأقلام والكتب والدفاتر.
- اتباع قواعد النظافة كالامتناع عن الأكل والشرب داخل الصف.
- الامتناع عن المكالمات الهاتفية و إهدار الوقت في الأحاديث الجانبية والشخصية مع الطلاب و زملاء العمل.
ب- احترام الأشخاص:
- التعامل مع الرؤساء والمرؤوسين بمرونة وشفافية، دون التسابق لنيل مفازة أو حظوة.
- التعاون مع الجهاز الإداري في انسجام وتوافق؛ مما يحقق أكبر النفع للطلاب، باتباع التعليمات والملاحظات بصدر رحب، فأكبر خطأ أن يبدي المعلم سخطه على الإدارة أمام طلابه، لأن ذلك يحدث شقاقًا ويشعر الطلاب بالسخط على المنظومة كلها.
- التواضع مع العمال والموظفين، فلا يكون تظاهرًا، وإنما إيمانا بأهمية عملهم، فيثني المعلم عليهم بل يطلب من طلابه ذلك؛ مما يؤلف بين قلوبهم جميعًا.
- الامتناع عن التحدث مع الطلاب في النواحي المادية، والمعاملات الشخصية داخل الصف، حفاظا على هيبة المعلم ووقاره. وللأسف بعض المعلمين لا يهتمون بهذه الأمور مما يكون له الأثر السيء في نفوس الطلاب، حتى إن بعضهم يقول: “سقط هذا المعلم من نظري بسبب حرصه على الأمور المالية والمادية”.