اخبار التعليم

فعالية نظام تصنيف المدارس؟

اختيار المدرسة المناسبة للابناء هو مصدر قلق كبير لاغلب أولياء الأمور. تصنيف المدرسة هو احد المعايير، لكن هل هو انعكاس للواقع حقا؟ وكيف نغير مسار مدرسة فاشلة؟ *

في انحاء كثيرة من العالم، تصنيف المدارس يعتمد على نتائج الامتحانات الوطنية. لكن الكثير من الناس ينتقدون هذا النظام لأن المدارس الخاصة تحتل الصدارة باستمرار.

 توجهنا إلى البرتغال والمانيا لنرى هل هذا المعيار منصف حقا.

البرتغال:“تصنيف المدارس لا يهم الجميع “

في السنوات الخمس الماضية، وسائل الاعلام البرتغالية نشرت ترتيب المدارس بناء على البيانات المقدمة من قبل وزارة التربية والتعليم. لكن منتقدين يقولون انه من غير المعقول مقارنة المدارس على أساس نتائج الامتحانات الوطنية فقط. المدارس الخاصة تحتل القمة على الدوام، لكن هل هي أفضل المدارس حقا؟ أو أنها تستفيد من اختيار الطلاب، الذين يأتون دائما من عائلات محظوظة؟

كارلا سوزا قررت تسجيل اولادها، من بينهم كاترينا، في المدرسة التي كانت قد درست هي فيها، “ مدرسة سيركو للتعليم الاساسي والثانوي والتي تقع في احد الأحياء الفقيرة في بورتو. تصنيف هذه المدرسة في آخر السلم بالنسبة للمدارس الأخرى، منذ ان قررت البرتغال اعتماد منهج التصنيف في العام 2010. لكن بالنسبة للأم كارلا، هذا التصنيف ليس في غاية الأهمية :” انه امر لا يقلقني على الإطلاق. ما يهمني هو شعور بناتي بالارتياح، ونجاحهن في المدرسة، وتحضير واجباتهن في البيت وانعكاس هذا في المدرسة. ترتيب المدرسة امر لا يقلقني على الإطلاق.”

كاتارينا، أصغر بناتها في المرحلة المتوسطة. منهجها الدراسي يتيح لها دراسة الموسيقى أيضا. راضية على الرغم من أن تصنيف مدرستها في اسفل السلم.
ترى أن المشكلة لا تتعلق بالمشروع التربوي، بل بغياب الدافع بين الكثير من الطلاب.

الطالبة كاتارينا سوزا، تقول:“بشكل عام، هناك الكثير من الطلاب الذين لا يدرسون. وهناك طلاب لديهم درجات جيدة ايضاً وسيدخلون الجامعة لدراسة الطب والهندسة والقانون.”

بالنسبة لمدير المدرسة، مانويل أنطونيو أوليفيرا، عدم التزام الكثير من الطلاب يعود إلى الفقر والبطالة. يعتقد أن تصنيف المدارس الوطنية، أمر بلا جدوى:” في الواقع، لا يمكن أن نتجاهل تصنيف المدارس، حتى لو كنا في المراحل التعليمية الأولوية. لكن لا يمكننا مقارنة ما هو غير قابل للمقارنة. مثلاً، حين نتحدث عن الكليات أو المدارس الخاصة لأننا نتحدث عن شيئين مختلفين جذريا. لأنهم يختارون طلابهم واساتذتهم، أي أن المشروع التعليمي سيكون حسب الطلب “.

على قمة التصنيف المدرسي في البرتغال، المدرسة الخاصة نوسا سينيورا دو روزاريو في بورتو أيضا، لكنها في حي ثري.
مديرتها ماريا تيريزا نوغيرا، لا تتفق مع معاييرالتصنيف المعتمدة على نتائج الامتحانات الوطنية.

ماريا تيريزا نوغيرا، مدير المدرسة الخاصة، نوسا سينيورا دو روزاريو، تقول:“ليس من العدل تقييم المدارس اعتماداً على المستوى الاكاديمي فقط، لأن الطلاب هم أكثر من ذلك بكثير. ليس من الإنصاف مقارنة المدارس العامة والخاصة. في الواقع، نحن، المدارس الخاصة نتمتع بظروف مواتية للنجاح “. المدرسة الخاصة نوسا سينيورا دو روزارنيو، تقدم نموذجاً تعليماً شخصياً وشاملاً، يتضمن نشاطات لامنهجية ومشاريع للمتطوعين. الطلاب فخورون بهذه المدرسة، تكلفتها كبيرة جدا، لكنهم يعتقدون انها ستوفر لهم مستقبلاً مهنياً جيداً.

كارولينا ماجالهايس سيلفا، طالبة في المدرسة الخاصة نوسا سينيورا دو روزاريو، تقول:“نعم، بالتأكيد، لأنها تساعدني أيضا على تطوير كشخص، وهذا سيفتح لي الأبواب في المستقبل، أبواب لا يمكن أن تكون مفتوحة لو كنت في مدرسة أخرى.”

مديرة المدرسة تؤكد أنهم يثقفون قادة المستقبل.

المانيا: كيفية تغيير مسار مدرسة؟

*هل من الممكن أن نغير مسار مدرسة تواجه الصعوبات من خلال تحويلها ؟ إذا كان الأمر كذلك، كيف يمكن تعزيز التحصيل الدراسي؟ *

مدرسة غروبيوس شتات، في ضاحية فقيرة في برلين. مدرسة لم تكن معروفة : العنف، والتغيب، ومعلمون يعملون بأكثر من طاقتهم. اليوم تغير الوضع بشكل جذري. مديرها، راينلد فيشر يتذكر الأوقات الصعبة، قائلاً: “الأولوية كانت لما كان يحدث في الحياة الخاصة أو خارج المدرسة. المعلمون كانوا يحاولون التعامل مع مجموعات تتكون من اجل النزاع بينها علناً.”

حين وصل الوضع إلى حد لم يعد يطاق، أولياء الأمور قدموا عريضة، وظهرت فكرة نجحت بشكل ملحوظ.
في البداية، مدرسة ابتدائية بالقرب من المدرسة الثانوية القديمة ادمجت فيها المدرسة المتوسطة القديمة. بذلك، مدرسة جديدة ولدت وتم تعزيز التعاون مع متخصصين اجتماعيين وإعادة هيكلة العلاقة بين الطلاب والمعلمين.

غيدو بنكو، متخصص بالشؤون الاجتماعية، يتحدث عن هذه التجربة قائلاً:” نستطيع أن نقول إنه اصلاح شامل تقريبا. مدرسة كانت على وشك أن تغلق ابوابها، اصبحت مكاناً رائعاً يمارسون فيها كل الأشياء الجديدة،
وكل الذين فيها يعملون من أجل هدف مشترك. “

البيئة لا تزال صعبة: فقر الأطفال هو القضية الحقيقية هنا، أكثر من 75 في المئة من أولياء أمور الطلاب لا قدرة لهم على انفاق 100 يورو سنويا لشراء الكتب المدرسية.

غيدو بنكو، يضيف قائلاً:“تمكنا من توظيف معلمين مهتمين بهذا المشروع، وبهذا الحرم التعليمي المشترك وعلاقات العمل هنا.”

تم استبدال 80 في المئة من الهيئة التدريسية، من بين المعلمين الجدد اركان كاراكايا. جاء من جنوب ألماني حيث الرواتب أعلى، والوضع الاجتماعي في المدارس أقل توترا:” قرار تغيير كل شيء في هذه المدرسة كان لحظة حاسمة. جئت من نظام أكثر تحفظا. في جنوب البلاد، أكثر المدارس ترفض كل انواع التغيير وتستمر بتطبق النظام ذاته على الدوام.” يضيف اركان كاراكايا

معلم له القدرة على تطبيق مفاهيم العلاج التنموي في مدرسته الجديدة. الهدف هو تحسين السلوك الاجتماعي والعاطفي للأطفال.هذا يعني أن التعليم يخرج من الاطار التقليدي. هنا، الاطفال هم الذين يطلون جدران صفوفهم.

المعلمون الجدد يتعاملون معهم بنهج مختلف تماما. معلم واحد مسؤول عن فئة عمرية معينة، ما أدى إلى مزيد من الثقة والاحترام المتبادلين، عامل كان غائباً في المدارس القديمة، يقول أحد الطلاب: “المعلمون الجدد في المدرسة لهم دراية أفضل بكيفية فرض أنفسهم. كما انهم ألطف وكلمتهم مسموعة أكثر من السابق.”

الخطوة المقبلة لجعل الحرم التعليمي أكثر جذابية هي مشروع لبناء مدرسة أخرى ليتمكن الطلاب من متابعة دراستهم الجامعية فيها.

راينلد فيشر، مدير المدرسة، يؤكد ان الطموح أكبر:“هذه هي الأهداف، بعد خمس سنوات نأمل أن نتمكن من تقديم مفهوم كامل، منظم جداً، هذا ما أريد تحقيقه خلال السنوات الخمس المقبلة.”

مشروع الحرم الجامعي لا يزال في طور التخطيط. يجب أن لا يقتصر الأداء الجيد والتنمية الحيوية على الأحياء الأكثر ثراء.

المصدر/ Euronews

إغلاق